هل تعلم أنَّ مِفتاحَ السعادةِ الأبديةِ الاقتداءُ بالنبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟
هل تعلم أنَّ مِفتاحَ السعادةِ الأبديةِ الاقتداءُ بالنبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس
الحَمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ والصلاةُ والسَّلامُ على مُحَمَّدٍ الأمينِ سيدِ الأولينَ والآخِرينَ، وعلى ءالِهِ وأصحابهِ الطاهرينَ.
أما بعدُ فما أحوجَنا اليومَ إلى الاقتداءِ برسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فهو نبراسُ المنهجِ الربانيِّ، الذي مَنِ استضاءَ بهديهِ فقد فازَ في الدنيا والآخرةِ. يقولُ اللهُ تعالى في القرءانِ الكريمِ: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31)﴾ إنَّ علامةَ حبِّ اللهِ حبُّ القرءانِ، وعلامةُ حبِّ القرءانِ حبُّ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وعلامةُ ذلكَ حبُّ السُّنَّةِ وعلامةُ حبِّ السُّنَّةِ حبُّ الآخرةِ وعلامةُ ذلكَ بُغضُ الدنيا وأن لا يدّخِرَ منها زادًا وبُلغَةً للآخرةِ.
فيجبُ الاقتداءُ بالنبيِّ الكريمِ واتباعُ سنتهِ واتباعُ أقوالهِ وأفعالهِ وامتثالُ أوامرهِ واجتنابُ نواهيهِ والتأدبُ بآدابهِ في العسرةِ واليسرةِ. والاتباعُ يكونُ بالتمسكِ بالعقيدةِ الحقةِ التي عليها أهلُ السنةِ والجماعةِ في بقاعِ الدنيا، ولا يكونُ اتباعُ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كاملًا إلا بمعرفةِ أنَّ الرسولَ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جاءَ بتوحيدِ اللهِ وتنـزيههِ عن مشابهةِ غيرهِ، وجاءَ بتحريمِ أشياءَ لا يجوزُ انتهاكُها وبفرائضَ لا يجوزُ إضاعتُها، قال الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "إنَّ اللهَ فرضَ فرائضَ فلا تُضَيِّعُوها وحرَّمَ أشياءَ فلا تَنْتَهِكُوها وحدَّ حدودًا فلا تَعْتَدُوها" رواهُ الدارقطنيُّ وغيرُهُ
ولا تقومُ النوافلُ مكانَ الفرائضِ، ومِنْ جملةِ الفرائضِ معرفةُ علمِ الدينِ بما فيهِ مِنْ معرفةِ العقيدةِ وعلمِ الأحكامِ وعلمِ المحرماتِ.
فلا يكونُ العبدُ مُحبًّا ما لم يكن متبعًا في العقيدةِ والأحكامِ متعلقًا لِما أمرَ رسولُ اللهِ بتعلمهِ مِنْ علمِ الدينِ مدافعًا عن دينِ اللهِ بالأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عَنِ المنكرِ ثم بعدَ هذا تزدادُ المحبةُ بالشوقِ إليهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتى لا يكونَ في قلبِ المؤمنِ مخلوقٌ أحبَّ إليهِ منْ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
روى البخاريُّ ومسلمٌ عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "لا يُؤمِنَ أحدُكُم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِهِ وولدِهِ والناسِ أجمعينَ" أي لا يكونُ العبدُ كاملَ الإيمانِ ما لم يكن حبُّ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إليهِ قبلَ حبِّ الولدِ والوالدِ والناسِ أجمعينَ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَيْلُ القَلْبِيُّ أَكْثَرَ شَىْءٍ إِلى اللهِ والرَّسُولِ صلى اللهُ علَيْهِ وسلَّم، كَمَا حَصَلَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعَ الرَّسُولِ فَقَالَ لَهُ: يا رَسُولَ اللهِ أَنْتَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ كُلِّ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "وَمِنْ مَالِكَ وَوَلَدِكَ"؟ فَقالَ: وَمِنْ مَالِي وَوَلَدِي، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسلامُ: "وَمِنْ نَفْسِكَ"؟ قَال: وَمِنْ نَفْسِي، فَقالَ لَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "الآنَ الآنَ يا عُمَرُ"، مَعْنَاهُ الآنَ اكتملَ إيمانُكَ يا عمرُ، الآنَ أَنْتَ بَلَغْتَ الكَمَالَ في مَحَبَّتِي، أَيْ صَارَ الْمَيْلُ القَلْبِيُّ لِسَيِّدِنَا عُمَرَ لِرَسُولِ اللهِ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ هَؤُلاءِ، أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ النَّاسِ وَأَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَأَكْثَرَ مِنْ نَفْسِهِ.
عبادَ اللهِ اعلموا أنَّ مِفتاحَ السعادةِ الأبديةِ الاقتداءُ بالنبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. فقد كانَ النّبيُّ الأعظمُ يعفو عمن ظلمَهُ ويصلُ مَنْ قطعَهُ ويُحْسِنُ إلى مَنْ أساءَ إليهِ وكانَ لا يزيدهُ كثرةُ الأذى عليهِ إلا صبرًا وحلمًا.
فَمُحَمّدٌ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قدوتُنا وحبيبُنا وقرّةُ أعينِنا جاءتْ لدعوتهِ الأشجارُ ساجدةً تمشي إليهِ على ساقٍ بلا قدمٍ. واللهَ نسألُ حسنَ الاقتداءِ بسيّدِنا محمّدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وبالأولياءِ والصالحينَ.