هل تعلم أن من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم الاحتفال بمولده وإظهار الفرح والسرور لله تعالى على هذه النعمة العظيمة؟
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

أما بعد فإن من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم الاحتفال بمولده وإظهار الفرح والسرور لله تعالى على هذه النعمة العظيمة وجمع أهلِ الخيرِ والصلاحِ والفقراءِ وإطعامهم حبًا بالنبي صلى الله عليه وسلم وإنشاد القصائد الزهدية المرققةِ للقلوب. وقد ذكر الحافظ السخاوي في فتاويه أن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار في المدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم.
والحمد لله ما زال إلى يومنا المسلمون ملتزمين غايةَ الالتزام بعمل المولد وسماعِ قصةِ صاحب المعجزات صلى الله عليه وسلم وما اشتملت سيرتُه من عظيم الفوائد فيُكثر الحاضرون من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويزدادُ حبهم لنبيهم ويسألون الله تعالى أن يُشفعه فيهم.
وللحافظ السيوطي1 رسالةً سماها "حسن المقصد في عمل المولد"، قال: "فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أو لا؟ والجواب عندي: أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماعُ الناس، وقراءةُ ما تيسر من القرءان، وروايةُ الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهارِ الفرح والاستبشار بمولده الشريف. وأول من أحدث فعلُ ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كُوكبري بن زين الدّين علي بن بكتكين أحدُ الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له ءاثار حسنة، وهو الذي عمَّر الجامع المظفري بسفح قاسيون". اهـ
فلو لم يكن في الاحتفال بالمولد إلا الصلاة والسلام على النبي في المجلس لكفى، فكيف إذا انتفع الناس من بركاته صلى الله عليه وسلم وعم عليهم أنس محبته صلى الله عليه وسلم فتحركت قلوبهم لفعل الخيرات وذرفت دموعهم شوقا وحبا لحبيب الله وللمحبوب الذي تجب محبته في كل قلوب المؤمنين. اللهم صل وسلم وبارك على حبيبك محمد وارزقنا كمال حبه وانفعنا بمحبته في الدنيا والآخرة.

---------------------
1- - الحاوي للفتاوي (1/189 - 197)