سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات من كلام سيّد المرسلين - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هل تعلم أن الرسول قال "إذا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعها بالحسنةِ"؟


هل تعلم أن الرسول قال "إذا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعها بالحسنةِ"؟
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

في كتاب الأدب للإمامِ البيهقي رحمهُ اللهُ تعالى من حديثِ أبي ذرٍ رضي اللهُ عنهُ من حديثِ أبي أُمامةَ الباهلي رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعها بالحسنةِ" قالوا يا رسولَ اللهِ أمِنَ الحسناتِ لا إله إلا الله؟ قالَ: "هي أحسنُ الحسناتِ".معنى الحديثِ أنه إذا عَمِلَ العبدُ سيئةً صغيرةً أو كبيرةً يُتْبِعْها بالحسنةِ، والحسنةُ أنواعٌ كثيرةٌ منه ما هو من الفرائضِ، ومنها ما هو من النوافلِ. فأيُّ
حسنةٍ من الحسناتِ مَنْ عَمِلَها على سبيلِ السنةِ أي على ما يُوافِقُ ما جاءَ عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ فإنها تُكَفِّرُ من السيئاتِ ما شاءَ اللهُ. الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حسنة والصدقة فيها حسنة، وبر الوالدين أي طاعتهما في كل شىء إلا في المعصية فيه حسنة. فكل حسنة من الحسنات إذا فعلها الإنسان عقب معصية عصى الله بها فإنها تكون كفارة للمعصية، وذلك بأن يقصد بهذه الحسنة التقرب إلى الله تعالى. وهكذا سائر الحسنات تحتاج إلى نية أي أن يقول الشخص في قلبه أنا أفعل هذا لأن الله أمر به أو يقول أتقرب بهذا إلى الله.ثم هذه الحسنات قسمان: قسم يكون كفّارة للذنوب الصغائر وليس للكبائر كالصلوات الخمس، وقسم من الحسنات يكون كفّارة للكبائر وللصغائر. هذا بالنسبة للمعاصي التي هي دون الكفر. أما من خرج من الإسلام فلا تنفعه هذه الحسنات إلا أن يرجع إلى الإسلام بالشهادة "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله".
وأما الاستغفار باللسان قول "أستغفر الله" أو "رب اغفر لي" لا ينفع من وقع في الكفر.ثم إنه وردَ في فضلِ "لا إلهَ إلا اللهُ" حديثٌ صحيحٌ غيرُ هذا وهو ما رواهُ مالكٌ في الموطَّأِ وغيرِه أن رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم قالَ : "أفضلُ ما قلتُه أنا والنبيونَ من قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ" وفي لفظٍ "أفضلُ ما قلتُه أنا والنبيونَ من قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، له الملكُ ولهُ الحمدُ وهو على كُلِّ شىءٍ قديرٌ". ففي هذا الحديثِ الصحيحِ الثابتِ الذي رواهُ الإمامُ مالكٌ رضيَ اللهُ عنه في الموطأِ ورواهُ غيرُه من أئمةِ الحديثِ دليلٌ واضحٌ على أنَّ "لا إلهَ إلا اللهُ" أفضلُ ما يُقالُ أي أفضلُ ما يُمْتَدَحُ بِهِ الربُّ، أفضلُ ما يُمَجَّدُ بِهِ الربُّ تبارك وتعالى.هذه الكلمةِ الشريفةِ "لا إلهَ إلا اللهُ"، هي خفيفةٌ على اللسانِ لكنَّ اللهَ تعالى جعلَها أفضلَ الحسناتِ وجعل معناها واسعًا لأنّ معناها أنّه لا يوجد شىءٌ يستحقّ نهاية التّذلّل له إلا الله، أي هو الذي يستحق أن يُعظّم أكثر من كلّ شىءٍ لأنه هو الخالق للعالم وهو العليم بكلّ شىء لا يخفى عليه شىء، وهو الذي أوجد العالم بأسره فهو الذي يستحقّ نهاية الخضوع والتّذلّل، لا شىء يستحقّ أن يتذلّل له كما يتذلّل لله تبارك وتعالى.