سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات تعلّم معنى ءاية - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هل تعلم أن الشهب تحرق الشياطين؟


هل تعلم أن الشهب تحرق الشياطين؟
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ أي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالنَّظَرِ مَرَّتَيْنِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا نَظَرَ فِي الشَّىْءِ مَرَّةً قَدْ لا يَرَى عَيْبَهُ مَا لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ وَإِنْ نَظَرَ فِي السَّمَاءِ مَرَّتَيْنِ لا يَرَى فِيهَا عَيْبًا وَلا خَلَلًا، وَجَوَابُ الأَمْرِ﴿يَنْقَلِبْ﴾ أَيْ يَرْجِعْ ﴿إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا﴾ أَيْ صَاغِرًا ذَلِيلًا مُتَبَاعِدًا عَنْ أَنْ يَرَى عَيْبًا أَوْ خَلَلًا، وَأَبْدَلَ أَبُو جَعْفَرٍ ﴿خَاسِئًا﴾ بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ، ﴿وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ أَيْ كَلِيلٌ مُنْقَطِعٌ عن رؤيةِ خَلَلٍ، قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الإِعْيَاءِ لَمْ يَرَ خَلَلًا وَلا تَفَاوُتًا.
﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا﴾ وَهِيَ السَّمَاءُ الْقَرِيبَةُ مِنَ الأَرْضِ وَالَّتِي نُشَاهِدُهَا وَيَرَاهَا النَّاسُ، ﴿بِمَصَابِيحَ﴾ أَيْ بِنُجُومٍ لَهَا نُورٌ.
﴿وَجَعَلْنَاهَا﴾ أَيْ جَعَلْنَا مِنْهَا ﴿رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ أَيْ يُرْجَمُ الشَّيَاطِينُ الْمُسْتَرِقُونَ لِلسَّمْعِ بِشُهُبٍ تَنْفَصِلُ عَنْ هَذِهِ النُّجُومِ فيَقتُلُ الجِنيَّ أو يُخَبِّلُهُ. وقالَ قتادةُ: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ خلقَ هذه النجومَ لثلاثٍ: جعلَها زينةً للسماءِ، ورجومًا للشياطينِ، وعلاماتٍ يُهتدى بها، فمن تأَوَّلَ فيها بغيرِ ذلكَ أخطأَ، وأضاعَ نصيبَهُ، وتكلَّفَ ما لا علمَ لهُ بهِ.
والنجومُ مثلُ هذه الثريا، الثريا التي تُعلَّقُ على السقفِ مثلُها تحتَ السماءِ، النجومُ يجوزُ أن يكونَ لها معلاقٌ ويجوزُ أن لا يكونَ لها معلاقٌ. الشمسُ في الفراغِ والقمرُ في الفراغِ والنجومُ كلُّها في الفراغِ.
﴿وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ﴾ أَيْ هَيَّأْنَا لِلشَّيَاطِينِ فِي الآخِرَةِ ﴿عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ أَيِ النَّارِ الْمُوقَدَةِ بَعْدَ الإِحْرَاقِ بِالشُّهُبِ فِي الدُّنْيَا. الشُّهبُ هي شىءٌ منفصلٌ عن النجومِ الصغيرةِ النجومِ التي نحنُ لا ندركُها، ليست كالنجومِ الكبيرةِ، اللهُ تعالى يفصلُ مِنَ النجومِ الصغيرةِ قطعًا فتنقضُّ عليهم فتحرقُ هؤلاءِ الشياطينَ، يأمرُ اللهُ الملائكةَ بأنْ يرمُوهم بهذهِ القطعِ فيحترقونَ.
الملائكةُ يتحدثونَ فيما بينَهم بما أطلعَهمُ اللُه عليهِ مِنْ حوادثِ المستقبلِ أنهُ يصيرُ في الأرضِ كذا وكذا، من مجاعةٍ وحربٍ وموتِ إنسانٍ عظيمٍ وغيرِ ذلكَ مِنَ الحوادثِ العامةِ أو الفرديةِ. بما أنَّ اللهَ تعالى يُطلِعُهم على كثيرٍ مِنَ الأشياءِ التي هي لم تحدُثْ بعدُ كانَ الجنُّ يصعدونَ إلى السماءِ مُسْتَخْفِينَ ليأخذوا أخبارَ الحوادثِ عن أمورِ المستقبلِ فصاروا يُرْمَوْنَ بالشهبِ. كانوا قبلًا يصعدونَ إلى السماءِ فيستمعونَ لحديثِ الملائكةِ الذي يتحدثونَ بهِ فيما بينَهم.
ثم لَما بُعِثَ سيدُنا محمدٌ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ظهرَتْ لهُ علامةٌ خَوَّفَتْهُم، كلما حاولَ الجنُّ أن يأخذوا الأخبارَ قالوا لإبليسَ تأتينا شهبٌ فتحرقُنا. قالَ إبليسُ هذا لأمرٍ حدثَ، الذي مِنْ أجلهِ صِرنا نُرمى بالشهبِ، اضربوا في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها، فتِّشوا ماذا حدثَ مِنْ أمرٍ جديدٍ؟ قسمٌ منهم صاروا يفتشونَ، توجَّهوا إلى الأراضي المرتفعةِ - وقسمٌ منهم إلى الأراضي المنخفضةِ. هؤلاءِ الذين توجَّهوا إلى الأراضي المنخفضةِ جاءوا صادفوا الرسولَ، الرسولُ كانَ يصلي صلاةَ الصبحِ فاستمعوا لقراءتهِ فأعجبَهمُ القرءانُ الذي يقرؤهُ الرسولُ في صلاةِ الصبحِ، اللهُ تعالى ألهمَهمُ الإيمانَ، ءامنوا صاروا دعاةً يدعونَ جماعتَهم إلى الإسلامِ.