سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات تعلّم معنى ءاية - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

استجاب الله دعاءه وبشّره بيحيى


استجاب الله دعاءه وبشّره بيحيى
تعلّم معنى ءاية - من قصص الأنبياء
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا هُوَ الَّذِي يُقَرِّبُ القُرْبَانَ أَيْ مَا يُذْبَحُ تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَنْ يَفْتَحُ بَابَ الـمَذْبَحِ الَّذِي يُذْبَحُ فِيهِ تَقَرُّبًا للهِ، فَلَا يَدْخُلُ النَّاسُ حَتَّى يَأْذَنَ لَـهُمْ، فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي مِـحْرَابِ الـمَسْجِدِ، أَتَاهُ سَيِّدُنَا جِبْـرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَلْبَسُ البَيَاضَ وَيَـحْمِلُ البُشْرَى وَبِرُفْقَتِهِ الـمَلَائِكَةُ، وَأَحْدَقُوا بِسَيِّدِنَا زَكَرِيَّا قَائِلِيـنَ لَهُ: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ﴾ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِإِجَابَةِ دُعَائِكَ، قَدْ وَهَبْنَا لَكَ غُلَامًا اسْـمُهُ يَـحْيَى، قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ مَرْيَـم: ﴿لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7)﴾ أَيْ لَمْ نُسَمِّ أَحَدًا قَبْلَهُ بِـهَذَا الِاسْمِ. وَسُـمِّيَ يَـحْيَى بِـهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ اللهَ أَحْيَاهُ بَيْـنَ شَيْخٍ وَامْرَأَةٍ عَجُوزٍ وَلَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ قَبْلَ يَـحْيَى بِـهَذَا الِاسْمِ، فَلَمَّا بُشِّرَ بِالوَلَدِ الَّذِي طَلَبَهُ اسْتَغْرَبَ وَتَعَجَّبَ وَتَسَاءَلَ مُسْتَخْبِـرًا لَا مُسْتَنْكِرًا، عَنْ كَيْفِيَّةِ الأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الوَلَدُ وَالـحَالُ الـمَانِعُ مِنْ وُجُودِ الوَلَدِ مَوْجُودٌ بِي وَبِزَوْجَتِي؟ فَـ﴿قَالَ﴾ قَالَ زَكَرِيَّا مُتَعَجِّبًا ﴿رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ﴾ رَبِّ كَيْفَ يَكُونُ لِي غُلَامٌ ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾ أَيْ لَا تَسْتَطِيعُ الـحَمْلَ، لَا تَلِدُ ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)﴾ وَأَنَا قَدْ بَلَغْتُ النِّهَايَةَ فِي الكِبَـرِ وَرِقَّةِ العَظْمِ؟ أَيُولَدُ لِي وَعُمُرِي مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَدْ بَلَغَتْ سِنَّ مَنْ لَا تَلِدُ وَعُمُرُهَا ثَـمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً؟ أَأُعَادُ أَنَا وَامْرَأَتِي إِلَى سِنِّ الشَّبَابِ وَهَيْئَةِ مَنْ يُولَدُ لَهُ أَمْ أَتَزَوَّجُ مِنْ غَيْـرِهَا وَأُرْزَقُ بِوَلَدٍ؟ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُولَدُ لَهُ عَلَى هَذِهِ الـحَالِ مِنْ زَوْجَتِهِ إِيشَاعَ أُخْتِ السَّيِّدَةِ مَرْيَـمَ، فَاللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا يُعْجِزُهُ شَىْءٌ.
﴿قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ قَالَ الـمَلَكُ مُـجِيبًا زَكَرِيَّا عَمَّا تَعَجَّبَ مِنْهُ: هَكَذَا الأَمْرُ كَمَا تَقُولُ مِنْ كَوْنِ امْرَأَتِكَ عَاقِرًا وَبُلُوغِكَ مِنَ الكِبَـرِ عِتِيًّا، وَلَكِنَّ إِيـجَادَ الوَلَدِ مِنْكَ وَمِنْ زَوْجَتِكَ هَذِهِ لَا مِنْ غَيْـرِهَا هَيِّـنٌ يَسِيـرٌ وَسَهْلٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ لِزَكَرِيَّا مَا هُوَ أَعْجَبُ مِـمَّا سَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)﴾ أَيْ خَلَقْتُكَ وَلَمْ تَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا أَفَلَا يُوجَدُ مِنْكَ وَلَدٌ وَقَدْ صِرْتَ شَيْئًا مَذْكُورًا؟ جَلَّ اللهُ الـخَالِقُ الَّذِي هُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. فَخَلْقُ نَـمْلَةٍ كَخَلْقِ أُمَّةٍ، وَإِيـجَادُ ذَرَّةٍ كَإِيـجَادِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، فَالكُلُّ فِي قُدْرَةِ اللهِ سَوَاءٌ.
نَعَمْ، إِنَّـهَا دَعْوَةُ رَجُلٍ صَالِـحٍ لَـجَأَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُـخْلِصًا، إِنَّـهَا دَعْوَةُ نَبِيٍّ فَأَجَابَهُ اللهُ وَبَشَّرَهُ بَيَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. أَلِظُّوا بِالدُّعَاءِ، أَلِظُّوا بِقَوْلِ: يَا ذَا الـجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، وَبِقَوْلِ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ.
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالـحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيـنَ،
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.