سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات تعلّم معنى ءاية - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هل تعلم من هو وافد عاد؟


هل تعلم من هو وافد عاد؟
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

﴿أَمَّنْ﴾ أَيْ أَمْ مَنْ ﴿هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ﴾ أَيْ أَعْوَانٌ ﴿لَّكُمْ﴾ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ
﴿يَنصُرُكُمْ﴾ يَمْنَعُ وَيَدْفَعُ عَنْكُمْ الْعَذَابَ إِذَا نَزَلَ بِكُمْ، وَالْمَعْنَى لا نَاصِرَ لَكُمْ، وَقَرَأَ الْبِصْرِيُّ: ﴿يَنْصُرْكُمْ﴾ بِسُكُونِ الرَّاءِ، ﴿مِّنْ دُونِ ٱلرَّحْمٰنِ﴾ أَيْ سِوَى ٱلرَّحْمٰنِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي﴾ هُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ أَيْ لا جُنْدَ لَكُمْ يَدْفَعُ عَنْكُمْ عَذَابَ اللَّهِ.
﴿إِنِ الْكَافِرُونَ﴾ أَيْ مَا الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ ﴿إِلا فِي غُرُورٍ﴾ مِنَ الشَّيَاطِينِ تَغُرُّهُمْ بِأَنْ لا عَذَابَ يَنـزِلُ بهم وَلا حِسَابَ، أَوِ الْمَعْنَى: مَا الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ إِلا فِي غُرُورٍ مِنْ ظَنِّهِمْ أَنَّ مَا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ يُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى وَأَنَّهَا تَنْفَعُ أَوْ تَضُرُّ. هؤلاءِ المشركونَ الذينَ كانوا في زمنِ الرسولِ، الذينَ كانوا معادينَ للرسولِ، مكذبينَ لهُ مؤذينَ لهُ مستهزئينَ بهِ، كانوا يقولونَ نحنُ هذهِ الأوثانُ التي ينهانا محمدٌ عن عبادتِها نحن ما نعبدُها إلا لتقرِّبَنَا إلى اللهِ قالَ تعالى: ﴿ما نَعْبُدهُم إلا ليقربُونا إلى اللهِ زُلفى﴾ [سورة الزمر/3]، اعترفوا بأنهم يعبدونَها، لذلكَ اللهُ تعالى ذمَّهم. أما المسلمُ فلا يعبدُ إلا اللهَ ولا يعبدُ شيئًا سوى اللهِ، لا يعبدُ الأولياءَ ولا الأنبياءَ.
﴿أَمَّنْ﴾ أَيْ أَمْ مَنْ ﴿هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ﴾ أَيْ يُطْعِمُكُمْ وَيَسْقِيكُمْ وَيَأْتِي بِأَقْوَاتِكُمْ وَيُنْزِلُ عَلَيْكُمُ الْمَطَرَ، ﴿إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾ إنْ أمسَك اللهُ ذلك أَيْ قَطَعَ عَنْكُمْ رِزْقَهُ، وَالْمَعْنَى: لا أَحَدَ يَرْزُقُكُمْ إِنْ حَبَسَ اللَّهُ عَنْكُمْ أَسْبَابَ الرِّزْقِ كَالْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِهِمَا، لأنهُ لا رَازقَ لكم ذلكَ غَيرُه. أليسَ حُبسَ المطرُ عن قومِ عادٍ؟ بلى. فقد وردَ عن النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّ عادًا قَحَطُوا أي انقطعَ عنهمُ المطرُ، فبعثوا وافدًا لهم يُقالُ لهُ قَيْلٌ، فمَرَّ بمعاويةَ بنِ بكرٍ فأقامَ عندَهُ شهرًا يسقيهِ خمرًا وتُغنيهِ جاريتانِ يُقالُ لهما الجرادتانِ، فلما مضى الشهرُ خرجَ إلى جبالِ تهامةَ يطلبُ المطرَ مِنَ اللهِ؛ لأنَّ هؤلاءِ كانوا مع شركِهم يُعَظمونَ مكةَ، فنادى: اللهمَّ إنكَ تعلمُ أني لم أجئْ إلى مريضٍ فأداويَهُ ولا إلى أسيرٍ فأفاديَهُ، اللهمَّ اسقِ عادًا ما كنتَ تسقيهِ، فمرتْ بهِ سحاباتٌ سودٌ، والغالبُ أنَّ السحابةَ السوداءَ هي التي تحملُ المطرَ، فَرحَ فقالَ: الآنَ ينزلُ المطرُ، فنوديَ منها ـ أي ناداهُ الملكُ قائلا ـ: اختَرْ، فأومأَ إلى سحابةٍ منها سوداءَ فنوديَ منها: خُذْها رمادًا رِمْدِدًا لا تُبْقِي مِنْ عادٍ أحدًا، قالَ: فما بلغني أنهُ بعثَ عليهم مِنَ الريحِ إلا قدرَ ما يجري في خاتمي هذا حتى هلكوا. فكانتِ المرأةُ والرجلُ إذا بَعَثُوا وافدًا لهم قالوا: "لا تكن كوافدِ عادٍ".
فاللهُ هو المتكفِّلُ بالرزقِ تفضلًا وكرمًا لا وجوبًا عليهِ وقد وسعَ رِزقُهُ المخلوقاتِ كُلَّهُم وقدْ صدقَ اللهُ بقولِهِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [سورة الذاريات/58] ويدلُّ على ذلكَ ما وردَ في الحديثِ أنَّ الدجالَ قبلَ ظهورهِ بثلاثِ سنواتٍ تُمسِكُ السماءُ ثلثَ مائِها، ثم بعدَ سنةٍ تمسِكُ ثلثَي مائِها، ثم قبلَ ظهورِهِ بسنةٍ تمسِكُ كُلَّ مائِها.