سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات قصة إسلام - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

قصة إسلام صهيب الرومي


قصة إسلام صهيب الرومي
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هو الصّحابيُّ الجليلُ سيدُنا صهيبُ بنُ سِنانَ الرّوميّ "أبو يحيى" كانَ أبوه حاكمَ الأبِلَّة وواليًا عليها لكسرى، وكان من العَربِ الّذين نزحوا إلى العِراق قبلَ بعثةِ سيّدِنا محمّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بعهدٍ طويلٍ. وفي قَصْرِه القائمِ على شاطئِ الفُراتِ ممّا يلي الجزيرةَ والموصِلَ عاشَ طِفلاً سَعيدًا.
وذاتَ يومٍ تعرضَتِ البِلادُ لهجومِ الرّومِ، وأسَرَ الرّومُ أعدادًا كثيرةً، وسبُّوا ذلك الغلامَ "صهيبَ بنَ سِنانَ" وأصبحَ مع تجّارِ الرّقيقِ، وانتهى طوافُه الطّويلُ إلى مكةَ المكرّمةِ، حيثُ بِيعَ لعبدِ اللهِ بنِ جَدعانَ، بعدَ أنْ أمضى طفولتَه كلَّها وصدْرًا من شبابِه في بلادِ الرّوم، حتى أخذَ لسانُهم ولهجتَهم، وأعجِبَ سيدُ "صهيبٍ" بذكائِه ونشاطِه، فأعتقَه وحرَّرَه وهيَّأَ له فرصةَ الإتْجارِ مَعَهُ.
يقولُ سيدُنا عمّارُ بنُ ياسرٍ رضي اللهُ عنهُ: لقيتُ صهيبَ بنَ سِنانٍ على بابِ دار الأرقمِ، ورسولُ اللهِ فيها، فقلتُ لهُ: ماذا تريدُ، فأجابني: وماذا تريدُ أنتَ، قلتُ لهُ: أريدُ أن أدخُلَ على محمّد فأسمعَ ما يقولُ، قال: وإنّي أريدُ ذلِكَ. فدخلْنا على رسولِ الله عليهِ الصّلاةُ والسّلام فعرضَ علينا الإسلامَ فأسلمْنا، ثمّ مكثْنا على ذلِك حتى أمسَينا، ثمّ خرجْنا ونحن مستخفِيان.
عَرَفَ صُهيبٌ طريقَه إلى دارِ الأرقمِ، عرفَ طريقَه إلى الهدى والنّور، إلى التّضحيةِ الشّاقةِ والفِداءِ العَظيمِ، فعبورُ بابِ دارِ الأرقمِ لم يكنْ يعني مجردَ تخطي عتبةٍ، بل كان َيعني تخطي مرحلةٍ بأسرِها، مرحلةٌ ملؤُها الظلمُ والجهلُ والشّركُ، إلى مرحلةٍ جديدةٍ ملؤُها التّوحيدُ.
لقد أحبّ سيدنا «صهيب» رضي الله عنه أن يهاجر، لكن المشركين أعاقوه عن الهجرة ووقع في بعض فخاخهم، بينما الرسول وأبو بكر هاجرا على بركة الله، حتى يسّر الله الأمر فامتطى ظهر ناقته، بَيْدَ أنّ قريشًا أرسلت قناصتها فأدركوه، ولم يكدْ صهيب يراهم ويواجههم من قريب حتى صاح فيهم، قائلا: «فاقدموا إن شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي، وتتركوني وشأني يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْمَاكُمْ رَجُلا، وَايْمُ اللَّهِ لا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَ بِكُلِّ سَهْمٍ مَعِي فِي كِنَانَتِي، ثُمَّ أَضْرِبُ بِسَيْفِي مَا بَقِيَ فِي يَدِي مِنْهُ شَىءٌ، افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ دَلَلْتُكُمْ عَلَى مَالِي وَثِيَابِي بِمَكَّةَ وَخَلَّيْتُمْ سَبِيلِي، قَالُوا : نَعَمْ»، فقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له: «أتيتنا صعلوكًا فقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت والآن تنطلق بنفسك ومالك»؟ فدلّهم على المكان الذي خبّأ فيه ثروته وتركوه وشأنه وقفلوا إلى مكة راجعين، والعجب أنهم صدّقوا قوله في غير شك وفي غير حذر، فلم يسألوه بينة، بل ولم يستحلفوه على صِدْقه.
وتابع «صهيب» هجرته حتى أدرك الرسول عليه الصلاة والسلام في قباء. كان الرسول جالسًا وحوله أصحابه حين أهلَّ عليهم صهيب، ولم يكد الرسول يراه حتى ناداه متهللا: «ربح البيعُ أبا يحيى ربح البيع أبا يحيى» وعندها نزلت الآية الكريمة ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ﴾ (سورة البقرة/ءاية 257).
اللهم ادخلنا الجنة ,اللهم ادخلنا الجنة ,اللهم ادخلنا الجنة، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار .