سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات قصة إسلام - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

قصة إسلام أُسَيدُ بنُ الحُضَير


قصة إسلام أُسَيدُ بنُ الحُضَير
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

في دارِ "حُضَير" أحدُ سادةِ الأوسِ في الجاهِليّة ولِد أُسَيدُ بنُ الحضَير بنُ سِماكٍ بنُ عَتيكِ بنِ امرِئِ القيس بن زيدِ بن عبدِ الأشهلِ الأنصاريّ، كان والدُه سيّدَ القومِ وزعيمَهم، قُتِل في معركةِ "بُعاثٍ" الّتي كانتْ بين الأوسِ والخزرجِ في الجاهليةِ. ورِثَ أُسَيدٌ زعامةَ والدِهِ على القومِ بعدَ وفاتِه وكانَ قد تعلّم منه الشّجاعةَ والإقدامَ وفنَّ الفروسيةِ الذي كانت عليهِ العربُ قبلَ الإسلامِ.
وكانَ يجيدُ القراءةَ والكتابةَ في وقتٍ ندُرَ فيه الكتابُ عندَ العربِ وكانَ سباحًا ماهِرًا.

قِصّةُ إسلامِه
في أحدِ بساتينِ بني عبدِ الأشْهلِ جلسَ "مُصعَبُ بنُ عُمَير" وبجوارهِ أسعدُ بنُ زرارةَ يقرأُ كلٌّ منهما كتابَ اللهِ عزّ وجلَّ.
وفي المنزلِ سعدِ بنِ مُعاذٍ بينما كانَ يجلسُ معهُ صديقُه "أُسَيدُ بن الحُضَير" قال "سعدٌ": يا أسَيدُ إنَّ أسعدَ بنَ زُرارةَ هو ابن خالتي ولا أريدُ أنْ أتحدّثَ مع هذا الرَّجُلِ أمامَه فاذهبْ واطردْه من دارِنا. فقامَ من مجلسِه قاصِدًا البستانَ حيثُ جلسَ مصعَبُ بنُ عُميرٍ، وتقدّم منهما وفي يدِه حربتِه ثمّ قالَ لهُما: ما جاءَ بِكمَا إلى ديارنِا أظننتُم أنّنا ضعفاءُ لا نستطيعُ حمايةَ هذا المكان، وهدّدَ "أسَيدٌ" وتوعَّدَ وقالَ لهُما: ابتعِدا عن هذا الحيّ وإلّا فالسّيفُ بينَنا. فأشرقَ وجهُ "مُصعَبِ بنِ عُمَيرٍ" وقالَ له: يا سيّدَ القومِ هلْ لكَ في خيرٍ من ذلِك؟ فقالَ "أُسَيدٌ": وما هو ذلك الخير؟ قال مُصعبٌ: اجلسْ إلينا أوَّلاً، ثمّ اسمعْ ما نقولُ فإنْ رضيتَ بما نقولُهُ فاقبلْه وإنْ لم ترضَهُ تحوّلْنا عنكم وتركنا مكانَنا هذا. فقالَ أسَيدٌ: أنصفْتَ في عَرضِك، ووضَعَ رُمحَه وجلَسَ يسمعُ من مُصعَبٍ عن هذا الدِينِ القَيّم، وقرأَ مُصعَبٌ عليهِ شيئًا من القرءان الكريم.
فامتلأَ قلبُ أسَيدٍ بالسُّرور وأشرقَ وجهُهُ بالتفاؤُلِ ممّا سمَع، وقالَ لمــُصعبِ بنِ عُمَيرٍ: ما أجملَ هذا الّذي تقولُ، وما أعظمَ ذلِك الذي تتلو، إذًا ماذا أفعلُ إذا أردتُ الدّخولَ في الإسلامِ؟ فقالَ مصعبُ: تشهدُ أنْ لا إله إلّا اللهُ وتشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، فنطقَ أُسَيدٌ بكلمةِ الإخلاصِ وشهِد أن لا إلهَ إلّا اللهُ وأنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه.
وكانت هذه اللَّحظةُ هي البدايةُ الّتي جعلتْ من أُسَيدٍ فارسًا من فرسان المسلمينَ، نالَ شرفَ صُحبةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّم ثمَّ تبِعه سعدُ بنُ مُعاذٍ الّذي أرسلَه ليرى مصيرَ الرّجلِ في البستانِ فأسلمَ سعدٌ بعدَ أُسَيدِ بنِ حُضَير وانضمَّ بذلِك رجلانِ من سادةِ الأوس المرموقين إلى ركب المسلمين.
رحم الله أسيدًا فقد كانَ سيّدًا في قومِه ولقد صدَق رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم إذ يقولُ: "نِعمَ الرجلُ أُسَيدُ بنُ الحُضير".
اعظم نعم الله على عباده في هذه الحياة الدنيا نعمة الاسلام وكفى بها نعمة وذلك لأنه هو الدين الذي أرتضاه لملائكته قبل وجود البشر وللجن والانس لا دين ارتضاه الله لعباده سوى الاسلام.
اللهم اشرَح صدورَنَا ونَوِّر قلُوبَنَا وافتَح علينَا فتوحَ العارفين.