سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات قصة إسلام - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

قصة إسلام عُمير بن وهب الجُمحيّ


قصة إسلام عُمير بن وهب الجُمحيّ
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

عن عروةَ بنِ الزّبيرِ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: جلسَ عُميرُ بنُ وهبٍ الجُمَحيُّ مع صفوانَ بنِ أميةَ في الحِجرِ بعدَ مصابِ أهلِ بدرٍ بيسيرٍ، وكانَ عُمَيرُ بنُ وهبٍ شيطانًا من شياطينِ قريشٍ وممّن كانَ يؤذي رسولَ اللهِ وأصحابَه وكانَ ابنُه وهبُ بنُ عميرٍ في أسارى بدرٍ، فذكرَ أصحابَ القَليب ِوهو بئرٌ في بدرٍ فقالَ صَفوانُ: واللهِ، ما إنْ في العيشِ بعدَهم خيرٌ، قالَ له عُميرٌ: صدقتَ، والله لولا دَينٌ عليَّ ليسَ عندي قضاؤُه وعيالٌ أخشى عليهِم الضيَعَةَبعدي لركبتُ إلى محمَّد حتى أقتلَه فابني أسيرٌ في أيديهم.
فاغتنمَها صفوانُ بنُ أمَيّةَ فقالَ: عليَّ دينُك أنا أقضيهِ عنكَ، وعيالُك مع عيالي أواسيهِم ما بقُوا لا يسعُني شىءٌ ويعجزُ عنهم. فقالَ لهُ عمَيرٌ: فاكتمْ عليَّ شأني وشأنَك. قال: سأفعلُ، ثمّ أمرَ عُميرٌ بسيفِه فشُحِذَ لهُ وسُمَّ، أي جُعِل فيه السُّمُّ، ثمَّ انطلقَ حتى قدِمَ المدينةَ. فبينما عمرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنهُ في نفرٍ من المسلمينَ يتحدّثون عن بدرٍ ويذكرون ما أكرمهم اللهُ بهِ وما أراهم في عدوّهِمْ، إذ نظرَ عُمرُ إلى عُميرِ بنِ وهبٍ وقد أناخَ على بابِ المسجِدِ متوشّحًا السَّيفَ فقالَ: هذا عدوُّ اللهِ عُمَيرُ بنُ وهبٍ ما جاءَ إلا لشرّ، ثمّ دخلَ على رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم فقالَ: يا نبيَّ اللهِ هذا عدوُّ اللهِ عُميرُ بنُ وهبٍ قد جاءَ متوشّحًا سيفَه، قالَ: فأدخلْهُ عليَّ. فأقبلَ عمرُ حتّى أخذَ بحمّالةِ سيفِه في عنقِه فجرّهُ منها وقال لمن كانَ معه من الأنصارِ: ادخلوا على رسول الله فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيثِ فإنَّه غيرُ مأمونٍ، ثم دخلَ به على رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم فلمّا رءاهُ رسولُ اللهِ وعمرُ ءاخذٌ بحمّالةِ سيفهِ في عنقِه قالَ: أرسلْه يا عمرُ، ادنُ يا عُمَيرُ، فدنا ثم ّقالَ: أنعمُ صباحًا. وكانتْ هذهِ الكلمةُ تحيةُ أهلِ الجاهِليَّةِ بينهُم فقالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم: "قد أكرمَنا اللهُ بتحيةٍ خيرٍ من تحيتِك يا عُمَيرُ، بالسَّلامِ تحيةِ أهلِ الجنّةِ".
ثمَّ قالَ: "ما جاءَ بِكَ يا عُمَيرُ؟" قالَ: جئتُ لهذا الأسيرِ الذي في أيديكم فأحسِنوا إليه. قال: "فما بالُ السّيفِ في عُنُقِكَ؟ قال: قبّحها اللهُ من سيوفٍ وهل أغنتْ شيئًا؟ قال: "أصدِقني ما الّذي جئتَ لهُ"، قال: ما جئتُ إلا لذلك. قال: "بل قعدتَ أنتَ وصفوانُ بنُ أميةَ في الحِجْر، فذكرتُما أصحابَ القَليبِ من قريش ثمّ قلتُ: لولا دَينٌ عليَّ وعيالٌ عندي لخرجتُ حتّى أقتلَ محمّدًا، فتَحمّلَ لكَ صفوانُ بنُ أميةَ بدَينكَ وعيالِك على أن تقتلنِي واللهِ حائلٌ بينَك وبينَ ذلك"، فقالَ عميرٌ: أشهدُ أنّك رسولُ اللهِ، قد كنّا يا رسولَ اللهِ نكذبُك بما كنتَ تأتينا بهِ من خبرِ السَّماءِ وما ينزلُ من الوحي وهذا أمرٌ لم يحضره إلّا أنا وصفوانُ فالحمدُ للهِ الّذي هداني للإسلام وساقني هذا المساقَ، ثمّ شهِدَ شهادةَ الحقّ ونطقَ بشهادةِ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمّدًا رسولُ اللهِ.
وقالَ عمرُ بنُ الخطّابِ لبهيمةٍكانتْ أحبَّ إليَّ منهُ، وهو اليومَ أحبُّ إليَّ منْ بعضِ بنيَّ.
شهدَ الصّحابيُّ عُمَيرٌ أحُدًا وما بعدَها وشهِد فتحَ مكةَ.
اللَّهمَّ نَقِّنا منَ الذنوبِ والخطايا كَمَا يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ منَ الدنسِ، اللَّهم اغسِل خَطايانا بالماءِ والثّلجِ والبَرَدِ، اللَّهمَّ لا تَغسِلهَا بالنار.