سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات نبي الله عيسى عليه السلام - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هل تعلم بم تفاجأت مريم عليها السلام في يوم من الأيام؟


هل تعلم بم تفاجأت مريم عليها السلام في يوم من الأيام؟
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

في يوم من الأيام خرجت مريم بنت عمران عليها السلام من محرابها الذي كانت تعبد الله تعالى فيه وسارت جهة شرقي بيت المقدس فخلت بنفسها لقضاء شأن من شؤونها، فتُفاجأ مريم برجل سوي يقتحم عليها خلوتها، هو جبريل عليه السلام جاء إلى مريم بشكل إنسان تام الخلقة لأن الله تعالى أمره أن يذهب إليها ليبشرها بعيسى عليه السلام. لَما اقترب جبريل وتمثل لها بشرًا سويًا في صورة شاب جميل أبيض الوجه ما عرفت مريم عليها السلام أنه ملك أنه جبريل ففزعت منه واضطربت وارتابت في أمره حيث ظهر له فجأة في ذلك المكان وخافت على نفسها منه من أن يتعرض لها بسوء وسرعان ما لجأت إلى الله العلي فـ ﴿قَالَتْ إنّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تقيًّا﴾ [مريم:18] معناه إن كنت تخاف من الله أي إن كنت ممن يتقي الله ويخشى الله عز وجل فلا تتعرض لي بسوء. فتفاجأ البتول الطاهرة بمفاجئة أعلى، حينما يرد عليها هذا البشر السوي ﴿قَالَ إنَّمَا أنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأهَبَ لَكِ غُلامًا زكيًّا﴾ [مريم 19] أي أني لست ببشر ولكني ملك أرسلني الله تعالى إليك لأهب لك غلامًا يكون طاهرًا نقيًا لأن جبريل كان أخذ روح المسيح بأمر الله ليضعها في مريم. قالت مريم التي تعلم سبيلا واحدًا للإنجاب والذرية، وهو أن يلتقي الرجل بزوجه ﴿قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾ [مريم:20]، أي لم أتزوج ولم أعرف سبيل الزنا أو سبيل البغاء، وهنا يأتي الرد الحاسم القاطع على لسان هذا الملك الكريم : ﴿قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ ءَايَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أمْرًا مَقْضِيًّا﴾ أجابها جبريل عن تعجبها بأن خلق ولد من غير أب سهل هين على الله تعالى، وليجعله علامة للناس ودليلا على كمال قدرته سبحانه وتعالى وليجعله رحمة ونعمة لمن اتبعه وصدقه وءامن به.
قال تعالى : ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)﴾ [التحريم:12]، نفخ جبريل عليه السلام روح المسيح الذي جاء به بأمر الله تعالى في فتحة قميص مريم في درعها، والدرع هو أعلى الثوب، فدخلها الروح من فمها فنزل إلى جوفها.
وبدأت بودار الحمل تظهر على بطن مريم، فالتفت إليها يوسف النجار الذي يخدم معها بيت المقدس، واتهم اليهود مريم بالزنا مع يوسف، قال لها: يا مريم، إني سائلك عن شىء وأرجو أن لا تعجلي علي! فقالت له مريم: سل عما شئت يا يوسف وقل قولا جميلا، فقال لها يوسف معرضًا في القول: يا مريم هل يكون زرع بغير بذر؟! وهل يكون شجر بغير غيث أو مطر؟! وهل يكون ولد بغير أب؟! فقالت مريم: (نعم يا يوسف)، قال: كيف يا مريم ؟! قالت: يا يوسف ألم تعلم أن الله خلق الزرع يوم خلقه من غير بذر، وخلق الشجر يوم خلقه من غير غيث أو مطر، وخلق آدم يوم خلقه من غير أب ومن غير أم ؟ قال: أعلم أن الله على كل شىء قدير.
اللهمّ احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا.