هل تعلم سبب نزول ءادم وحواء إلى الأرض؟


هل تعلم سبب نزول ءادم وحواء إلى الأرض؟
الموسم الرابع - الحلقة التاسعة
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله محمد وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى سيدنا ءادم وحواء أن يخرجا من الجنة، ليس عقوبة لهما بل لإعمار الأرض ونشر نسلهما ليكلفهم بتكاليف ويرتب على ذلك ثوابهم وعقابهم في جنة أو نار؛ والله يفعل ما يشاء، أما إبليس فقد طرد لعنه الله من الجنة، فأهبط ءادم عليه السلام في سرنديب في الهند، وأهبطت السيدة حواء بجدة بعيدًا عن ءادم، وأما إبليس لعنه الله فأهبط بناحية تسمى الأبلَّة وهي قرب البصرة من جانبها البحري. روى الطبري في تاريخه أن ءادم عليه السلام افتقد كلام أهل السماء وغابت عنه أصوات الملائكة، فنظر إلى سعة الأرض وبسطتها فلم ير فيها أحدًا غيره، عندها استوحش فقال: "يا رب أما لأرضك هذه عامر يسبحك غيري؟" فقال الله عزَّ وجلَّ: "إني سأجعل فيها من ولدك من يسبح بحمدي ويقدسني وسأجعل فيها بيوتًا ترفع لذكري وسأجعل من تلك البيوت بيتًا أخصه لكرامتي وأسميه بيتي" إلى أن قال: "وأجعله أول بيت يوضع للناس ببطن مكة مباركًا" فأتاه جبريل عليه السلام وأعلمه أن الله بعث ميكائيل عليه السلام إلى حواء ليطمئنها فسأل متى يجتمع بها فأخبره أن الله سيجمع بينهما في أكرم البقاع في مكة، ثم أمر الله ءادم بالمسير إليها ولم يكن هناك من عمران، فطوى الله تبارك وتعالى لآدم عليه السلام الأرض وضمَّ له البراري، فلم يضع ءادم عليه السلام قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانًا وبركة حتى وصل إلى مكة، هناك رأى سيدنا جبريل عليه السلام قد ضرب بجناحه الأرض، فبرز أساس ثابت، فبنى ءادم عليه السلام الكعبة عليه؛ فكانت الكعبة أول بيت لعبادة الله بني على وجه الأرض، فلما فرغ ءادم عليه السلام من بنائها، خرج به الملك الذي وكله الله به لإعانته إلى عرفات فأراه مناسك الحج ثم قدم به مكة فطاف بالبيت سبعًا، ثم التقى ءادم عليه السلام بحواء وأوحى الله تعالى إليه إنك إن لم تعمر هذه الدنيا، لم يعمرها أحد من أولادك فاعمرها فبنى ءادم عليه السلام مسكنًا يأوي إليه هو وزوجته حواء.
وبما أنه في ذلك الوقت لم يكن بشر غيرهما الله تعالى زوَّجه إياها، جعلها له حلالًا من غير أن يكون هناك قاض يكتب الكتاب ومن غير أن يكون هناك شهود من البشر، فليست معصيته التي ارتكبها أنه اقترب من حواء، الله تعالى خلقها له لتكون زوجة، هو أحلها له، إنما معصيته الأكل من هذه الشجرة التي أكلا منها، ثم تاب الله عليه فغفر له ولحواء.
ثم ءادم عليه السلام بعد أن نزل من الجنة صار نبيًّا، جاءه الوحي، جبريل عليه السلام نزل عليه فصار نبيًّا يوحى إليه بشريعة مبنية على الإسلام؛ والإسلام معناه عبادة الله وحده وأن لا يشرك به شيء والإيمان بالرسول الذي أرسله الله لأهل ذلك الزمن. هذا معنى الإسلام والإيمان بأنه لا خالق إلا الله أي أن الله تعالى هو الذي خلق كل شيء وأنه لا يغفر الذنوب أحد إلا الله وأنه لا يقع شيء في الكون إلا بعلم الله ومشيئته وتقديره، لا خير ولا شر ولا حزن ولا سرور ولا مصيبة ولا نعمة إلا بمشيئة الله وعلمه وأنه لا بد أن يحيى الإنسان حياة ثانية بعدما يموت، بعدما يموتون كلهم يحيون حياة ثانية، ثم لا يموتون بعد ذلك، فإما حياة في نعيم أبدي لا نهاية له وإما حياة في شقاء وعذاب أبدي لا نهاية له.
والإيمان بأن الله تعالى خلق ملائكة عبادًا مكرمين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والإيمان بأن الله تعالى خلق الجنة وخلق جهنم وأن الجنة فيها أكل وشرب، وأن النار فيها ءالام حسية، فيها نار حقيقية ملموسة. فكان ءادم عليه السلام على الإسلام، عاش على الإسلام ألف سنة ثم مات ءادم عليه السلام، ثم لما مات ءادم عليه السلام ذريته بقوا على الإسلام ما كانوا يعبدون غير الله تعالى، ما كانوا يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولا جنًّا ولا ملائكة ولا شيئًا غير الله تعالى.
اللهم ثبت قلوبنا على دينك، اللهم ثبت قلوبنا على دينك، اللهم ثبت قلوبنا على دينك. وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.