هل تعلمُ أنَّ السيدة حواء هي أم النساء؟


هل تعلمُ أنَّ السيدة حواء هي أم النساء؟
الموسم الرابع - الحلقة السادسة
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على نبينا محمد أشرف المرسلين وخاتم النبيين وحبيب رب العالمين وشفيع المذنبين يوم الدين.
أما بعد، فيقول ربنا تبارك وتعالى في القرءان الكريم: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وبثَّ منهما رجالًا كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا﴾
في هذه الآية أمر بتقوى الله العلي العظيم وتنبيه إلى أن الأصل من نفس واحدة، وتفرع العالم الإنساني منهما كما أن أصل الجنس الإنساني ألا وهو ءادم كان عابدًا لله تعالى مفرده بالتوحيد والتقوى طائعًا لله عزَّ وجلَّ، وكذلك ينبغي أن يكون من خرج من صلبه، فكان في هذا الخطاب العام أمر لهم بالتقوى التي هي الحاجز بين الإنسان وبين المعاصي.
وأما قوله عزَّ وجلَّ: ﴿الذي خلقكم من نفسٍ واحدة﴾ أي أخرجكم من ءادم عليه السلام لأنه أصل البشر جميعهم، وهذا فيه إشارة إلى ترك المفاخرة والكبر فهم من أصل واحد.
وخلقت حواء من ضلعه الأيسر، الله تعالى أخذ من ءادم ضلعًا من أضلاعه وهو نائم. عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "من ضلع ءادم القصيري الأيسر." الضلع القصيراء هو في الجهة اليسرى، أقصر ضلع في الإنسان، الله الذي يفلق أي يخرج الحبة فيجعلها زرعًا وشجرة، كذلك أخرج من ضلع ءادم جسد حواء، كما قال الله تعالى: ﴿وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالًا كثيرًا ونسآء﴾ معناه الذرية منهما، فـأم النساء أي المرجع الأول للإناث هي السيدة حواء، فهذه الآية دلالة على أن التناسل من ذكر وأنثى. روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيرًا."
ولم يخلق الله تبارك وتعالى حواء طفلة صغيرة ثم طورها إلى الكبر، بل خلقها الله تبارك وتعالى على هيئتها التي عاشت عليها كبيرة طويلة مناسبة لطول ءادم عليه السلام. ففي هذا الحديث إشارة إلى أن المرأة مطلوب أن يصبر عليها لأنها خلقت من ضلع أعوج، من ضلع ءادم القصيري. ﴿وبثَّ منهما﴾ أي نشر وفرق، أي بثَّ من تلك النفس وزوجها ﴿رجالًا كثيرًا ونسآء﴾ أي ذرية كثيرة ﴿ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم﴾ أي من جنسكم ﴿أزواجًا﴾ من جنس البشر خلقنا لكم أزواجًا، النساء والرجال من جنس واحد، الذكور بشر والإناث بشر؛ "إنما النساء شقائق الرجال." هكذا ورد في الحديث الذي رواه أبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها.
فخلقت حواء من ضلع ءادم وسائر النساء من نطف الرجال والنساء، ﴿لتسكنوا إليها﴾ أي وتألفوها ﴿وجعل بينكم مودة ورحمة﴾ وفي هذا دليل على عظيم قدرة الله تبارك وتعالى، فالزواج يحقق الطمأنينة والأمن في نفوس الزوجين، فبالتالي يعيشان في حياة هنيئة قوامها المودة والرحمة.
لقد بيَّن الله تبارك وتعالى الأساس الذي تقوم عليه الأسرة وهو قوله تعالى: ﴿وجعل بينكم مودة ورحمة﴾، فبالمودة والرحمة تدوم الحياة وينعم الزوجان وبدونهما تنفصل عرى الحياة الزوجية وتنقلب المودة بغضًا والرحمة عذابًا، ولذلك أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم نحن معاشر الرجال إلى تحقيق مبدأ المودة والرحمة في الأسرة سواء كان ذلك في تعامل الزوج مع زوجته أو مع أولاده.
ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين