هل تعلم لِـم جاءت أحوال وألوان ذرية ءادم مختلفة؟


هل تعلم لِـم جاءت أحوال وألوان ذرية ءادم مختلفة؟
الموسم الرابع - الحلقة الخامسة
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد وعلى ءاله وصحبه وإخوانه الطيبين الطاهرين.
وبعد، فإن حديثنا اليوم حول سيرة نبي ورسول من رسل رب العالمين، هو أول البشر وأبوهم أجمعين، خلقه الله تبارك وتعالى من صلصال من طين، عاش ألفًا من السنين في الجنة منهم مئة وثلاثين، وفي الأرض ثمان مئة وسبعين وهو ءادم صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين.
وقد أجمع المسلمون وأهل الكتاب على أن أول الأنبياء ءادم عليه السلام؛ قال الله تعالى في القرءان الكريم: ﴿إن الله اصطفى ءادم ونوحًا وءال إبراهيم وءال عمران على العالمين﴾. الاصطفاء دليل النبوة والرسالة، فهو أول البشر وأول الأنبياء، كيف يجعلونه كالبهائم؟ لولا أن الله تبارك وتعالى شاء له النبوة ما قال في كتابه العزيز: ﴿وإذ قال ربك للملآئكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾ معناه حاكم يحكم بالشرع، وهذه الآية من أصرح الآيات التي تدل على نبوة ءادم عليه السلام.
وقد جاء في خلق ءادم صلوات ربي وسلامه عليه أن الله عزَّ وجلَّ أمر ملكًا من ملائكته الكرام أن يأخذ من جميع أنواع تراب الأرض التي نعيش عليها، فلما فعل الملك الكريم نقلت هذه التربة إلى الجنة، ثم هذا التراب عجن في الجنة بماء الجنة، ثم خلق الله تعالى ءادم طينًا، ثم بعدما تغير هذا الطين جعله يابسًا صلصالًا كالفخار بشكل ءادم، بشكل صورة البشر، ثم حوله عظمًا ولحمًا ودمًا، ثم نفخ فيه الروح الطيبة الكريمة عند الله تبارك وتعالى، وهذا معنى قول الله تبارك وتعالى: ﴿فإذا سويته ونفخت فيه من روحي﴾ أي روح ءادم، معناه روح ءادم من الأرواح الشريفة الكريمة المطهرة لذلك الله تبارك وتعالى أضافه إلى نفسه تشريفًا كما أضاف روح عيسى عليه السلام للدلالة على أنهما خلق من خلقه لا بمعنى أنهما جزء من الله، فروح عيسى المسيح عليه السلام ليس جزءًا من الله وروح ءادم عليه السلام ليس جزءًا من الله، لكن إيذانًا وإعلامًا لنا بأنهما شريفان مطهران مكرمان عند الله أضاف الله تبارك وتعالى روح ءادم كما أضاف روح عيسى عليهما السلام إلى نفسه، فقال عزَّ من قائل: ﴿فنفخنا فيه من روحنا﴾ فلما دخل الروح في جسد ءادم عليه السلام تكلم وكان أول ما تكلم به: "الحمد لله." الله تعالى خلق فيه المعرفة والإيمان، خلق فيه المعرفة بأن له ربًّا خلقه وخلق جميع الأشياء وأن هذا الرب الذي يستحق أن يعبد، الله تعالى ألقى في قلبه هذه المعرفة فصار ءادم عليه السلام مؤمنًا بالله يعرف خالقه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخبرًا عن هذا الأمر العظيم: "إن الله قبض قبضة" أي أمر الملك بالقبض لأن الله تبارك وتعالى لا يجوز عليه أن يمسَّ شيئًا، محال. "إن الله قبض قبضة من الأرض من أبيضها وأسودها وما بين ذلك ومن طيِّبها ورديئها وما بين ذلك فجاءت ذرية ءادم على قدر ذلك." رواه ابن حبان وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم: "فجاء بنو ءادم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك والسهل والحَزن" أي القاسي "وبين ذلك والخبيث والطيب وبين ذلك." رواه أحمد. ومعناه جاءت أحوال وألوان ذرية ءادم عليه السلام مختلفة بسبب هذا التراب المختلف الذي خلق منه ءادم عليه الصلاة والسلام، وفيهم من هو دمث الأخلاق سهل قريب كما أن منهم من هو جاف غليظ الطبع شرس الأخلاق، والأرض هكذا، الأرض ليست كلها على صفحة واحدة، كذلك بنو ءادم جاؤوا على حسب أنواع التراب، فسبحان الله العظيم خالق كل شيء.
اللهم ارزقنا علمًا نافعًا وقلبًا خاشعًا ولسانًا ذاكرًا وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين