هل تعلم أن الله أنزل على شيث خمسين كتابًا؟


هل تعلم أن الله أنزل على شيث خمسين كتابًا؟
الموسم الرابع - الحلقة التاسعة والعشرون
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

قال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "لَما أخرَجَ اللهُ ءادمَ مِنَ الجنَّةِ زَوَّدَهُ مِنْ ثِمَارِ الجنَّةِ وعَلَّمَهُ صَنْعَةَ كُلِّ شئٍ ثمارُكُم هذهِ مِنْ تِلْكَ غيرَ أنَّ هذهِ تَتَغَيَّرُ وَتِلْكَ لَا تَتَغَيَّرُ".
هذا الحديثُ فيهِ بيانُ فضل ءادم عليه السَّلامُ حيث ذكرَ الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن اللهَ تبارك وتعالى أكرم ءادم بأنْ زوده مِنْ ثمار الجنةِ وعلمَهُ صَنعةَ كلِّ شئ النجارةَ والحدادةَ والزراعةَ والحياكةَ واستعمالَ العملةِ عملةِ الذهبِ والفضةِ وكيف يصنع منهما الدينار والدرهمَ وعلمَه اللغات كلها.
ثم هو علم أولاده أصول المعيشة وعلمهم الدين وعلمهم اللغات اللغة العربيةَ وغيرها، فكانَ أولاده على الإسلامِ ما كانَ لهم دين غير الإسلام، كما علمهم أنه يجوز أن يتزوج الأخ من أخته التي خرجت من البطن الآخر من حواء؛ لأن حواء ولدت لآدم أربعين بطنا في كل بطن ذكر وأنثى أي توأم، وكانَ أول توأم سميا "عبدَ الله"و"أَمةَ اللهِ"، أما اللذانِ بعدهما فسميا "عبد الرحيم" و"أمة الرحيم"، ثم وضعت بعد ذلك هابيلَ وأخته في بطن، ثم قابيل وأخته في بطن.
ولَما حصلت تلكَ الحادثة الأليمة وهي أن قابيل قتل أخاه هابيل، بكى ءادمُ وحواءُ عليهما السلام عليه أياما كثيرة، فأوحى اللهُ إلى ءادم أنْ كف عن بكائك فإني سأَهب لك غلاما زَكيا على صورة هابيل يكون أبا للنبيين والمرسلين، فسر ءادم وحملت حواء بغلام سمياه "شيث" ومعناهُ هبة الله، وكان على صفة هابيل وصورتهِ، ولَما كبر شيث تزوج ورزق الأولاد في حياة أبيه ءادم عليه السلام.
وكان يجوز في شرعِ سيدنا ءادم عليه السلام أن يتزوج الذكر من الأنثى من البطن الآخئ، وحرم عليه أن يتزوج أخته التي هي توأمته وهذا لحكمة التناسل حتى يبقى نسل البشر مستمرا. ثم هؤلاءِ توالدوا وكثر عددهم فبلغ عددهم في حياة ءادم أربعين ألفا لأن ءادم عليه السلام عاش ألف سنة، المائة والثلاثون التي عاشها في الجنة وتكملةُ الألفِ في الأرضِ. وأمر ولادة حواء هذا العدد ليس نصا نبويا إنما هو خبر مِنْ تواريخ الأممِ.
هذا شيث عليه السَّلام لَما ماتَ أبوهُ ءادمُ عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ اللهُ تعالى أرسله نبيا فصار يعلم البشرَ الذينَ كانوا في زمانه وهم أقاربه يعلمهم أحكام الدين، أحكام الإسلام، جعله اللهُ تعالى نبيا رسولا بعد موت سيدنا ءادم عليه الصلاة والسَّلام وهو أفضل أولاده، وأنزل عليه خمسين صحيفة حوت الخير والبركة، روى أبو ذر الغفاري رضيَ اللهُ عنهُ عنِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنهُ قالَ: "أُنزِلَ عَلَى شِيثٍ خَمْسُونَ صَحِيفَةً" رواهُ ابنُ حبانَ.
وفي كتابِ حليةِ الأولياءِ [ج٤/ص۲٤]: "قال وهب بنُ منبه: قرأتُ نيفا وتسعين كتابا من كتب الله عزَّ وجل، منها سبعون أو نيف وسبعون ظاهرة في الكتابَين، ومنها عشرون لا يعلمها إلا قليل من الناس، فوجدت فيها كلها أن من وكل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر" أي من جعل مشيئة يستقل بها العبدُ كفر، ويؤيده قوله تعالى:﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَنْ يَشَآءَ اللهُ (٣۰)﴾ [سورة التكوير] فلا مشيئة للعبد إلا أن يشاءَ الله لهُ أن يشاء.