هل تعلم أنّ ءادم هو أَوّل البشر؟


هل تعلم أنّ ءادم هو أَوّل البشر؟
الموسم الرابع - الحلقة الثامنة والعشرون
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

قالَ اللهُ تعالى في سورة التين: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (۱) وَطُورِ سِينِينَ (۲) وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)﴾ [ سورة التين]، اللهُ تعالى أقسمَ بهذه الأشياءِ التينِ والزيتونِ لعظمِ منافعهما، مِنْ منافعهما ما يُعرف ومِن منافعهما ما لا نعرف، لكن نحنُ علينا أن نعتقد أن لهما شأنا عظيما.
﴿وطورِ سنينَ (۲)﴾ وهو جبل مقدس لهذا أقسمَ اللهُ به ﴿وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ (٣)﴾ أي مكة المكرمة، اللهُ تعالى أقسم بهؤلاء الأربعة ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)﴾ معناهُ أن اللهَ يقسم يَحلفُ بأنهُ خلقَ الإنسانَ في أحسنِ تقويم فيجبُ اعتقادهُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى ذكرَ ذلكَ في كتابه العزيزِ القرءان الكريمِ.
الإنسانُ أولُ خلق منه ءادمُ، لم يكن قبل ءادمَ إنسان. والله تعالى أخبرَنا في ءاية أخرى بأن البشرَ خلِقوا مِنْ نفس واحدة وهذه النفسُ الواحدةُ هي ءادمُ عليهِ السَّلامُ. فأول البشر ءادم عليهِ السَّلام وهو نبيّ رسول، لم يكن قبلَهُ مخلوق من جنسهِ. وما يُروى في بعضِ المؤلفاتِ مِنْ أنّه كان قبل ءادمَ بشٌ على هذه الأرضِ فهو كذبٌ لا صحةَ لهُ، وأغربُ مِنْ ذلكَ ما يوجد في بعضِ كتبِ الصوفيةِ التي دخلها الزيغ والدس من أنهُ كانَ قبلَ ءادم مائةُ ألف ءادمَ، كلُّ هذا كذبٌ.
والدليلُ على كذبِ هؤلاءِ أنَّ سيدَنا محمدًا أخبرَ في حديثهِ الصحيحِ الثابتِ عنهُ: "أنَّ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ يَذْهَبُونَ إِلَى ءَادَمَ فَيَقُولُونَ يَا ءَادَمُ أَنْتَ أبُو البَشَرِ" فلو كانَ هناكَ ءادم غير ءادمَ هذا، لكان الرسول عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ: "يأتونَ إلى ءادمَ الأول ثم إلى ءادم الثاني ثم إلى الثالث" لكنه ما قال، إنما قالَ عليه الصلاة والسلام ما رواه البخاري في الصحيحِ: "عندَما يكونونَ في ذلكَ الموقفِ يقولُ بعضُهم لبعضٍ تعالَوا لنذهبَ إلى أبِينا ءادمَ ليشفَعَ لنا إلى ربِّنا، فيأتونَ إلى ءادمَ يقولونَ: يا ءادمُ أنتَ أبو البشرِ خَلَقَكَ اللهُ بيدِهِ - أي بعنايةٍ منهُ - وأسجَدَ لكَ ملائكتَهُ فاشفَعْ لنا إلى ربِّنا" مِنْ شدة الضيق الذي يحصلُ يومَ القيامةِ للناس أي لغير الأتقياءِ.
أما الأتقياءُ فلا يرَونَ مشقة لا في القبرِ ولا في الآخرة، إنما الناس الآخرون يَلقَوْنَ في القبرِ مشقات إلا مَنْ رحمَهم اللهُ تعالى. فهؤلاء الناس الذين ليسوا أتقياءَ يلقَونَ مشقة شديدة مِنْ حرِ الشمسِ؛ لأن الشمس تدنو يومَ القيامةِ مِنْ رؤوس الناسِ؛ لأنها ليستْ مستقرة في فَلكِها الذي تسيرُ فيهِ اليومَ. ذلكَ اليومُ تُفارقُ ذلكَ الفَلكَ أي مدارها حتى تقترب مِنْ رؤوس الناسِ فيشتد حر الشمس على الناسِ، يتضايقون، ويزيدُ حرها أضعافا مضاعفة على حرِّها في الدنيا، فيعرقُ الكفارُ حتى يصل عرقُ أحدِهم إلى فمهِ لا يتجاوزُ عرقُ هذا إلى شخص ءاخرَ، بل يقتصر عرق هذا الشخص على هذا الشخصِ، فيلقونَ أي الكفارُ مشقة فيقولونَ: "يا ربّ أرِحْنا ولو إلى النارِ"، معناهُ خلصْنا مِنْ هنا ولو أدخلتنا جهنم مِنْ شدةِ ما يُقاسون مِنْ حرِّ شمسِ يومِ القيامةِ.
وأما المؤمنون الأتقياء تلكَ الساعة فيكونون تحتَ ظلّ العرشِ، لا يُصيبُهم شئٌ مِنْ أذى حر الشمسِ يومَ القيامةِ، ءامنُون مِن الفزع ومِنْ جميعِ أهوالِ يومِ القيامةِ، جعلَنا اللهُ منهم.