هل تعلمُ أنَّ مقام إبراهيم ياقوتة من يواقيت الجنة؟


هل تعلمُ أنَّ مقام إبراهيم ياقوتة من يواقيت الجنة؟
الموسم الرابع - الحلقة الواحدة والعشرون
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على نبينا محمد أشرف المرسلين وخاتم النبيين وحبيب رب العالمين، أما بعد:
فاعلموا أنه في هذه الدنيا أشياء أصلها من الجنة منها مقام إبراهيم عليه السلام، فقد جاء في كتاب "الجامع لأحكام القرءان" للقرطبي في تفسير الآية: ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾ أنه الحجر الذي تعرفه الناس اليوم الذي يصلون عنده ركعتين بعد الطواف، وفي البخاري أنه الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم عليه السلام حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل عليه السلام يناوله إياها في بناء الكعبة وغرقت قدماه فيه، قال أنس رضي الله عنه: "رأيت في المقام أثر أصابعه وعقبه وأخمص قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم." كما حكاه القشيري.
يقول رب العزة في محكم كتابه: ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم﴾ فجعل إسماعيل عليه السلام يأتي بالحجارة وإبراهيم عليه السلام يبني حتى إذا ارتفع البناء جاءه بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجر فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: ﴿ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم﴾ كما روى ابن عباس رضي الله عنهما في قصة إبراهيم عليه السلام وبنائه للبيت. وعندما أكمل إبراهيم عليه السلام بناء الكعبة قال لابنه إسماعيل: "إيتني بحجر حسن أضعه على الركن فيكون للناس علمًا." فأتاه جبريل الأمين عليه السلام بالحجر الأسود فأخذه ووضعه موضعه.
وبعد أن فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت الحرام مع ولده إسماعيل أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج، قال الله تعالى في القرءان الكريم: ﴿وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق﴾ وقد فضل الله عزَّ وجلَّ هذا الحجر ونوَّه بذكره من جملة ءاياته البينات في سورة ءال عمران بقوله تعالى: ﴿إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدًى للعالمين فيه ءايات بينات مقام إبراهيم﴾ أي دلالات ظاهرة أنه من بناء إبراهيم عليه السلام وأن الله عظمه وشرفه وقال مجاهد تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما: "أثر قدمي إبراهيم في المقام ءاية بينة" وأمر تعالى بأن يصلى عنده فقال سبحانه في كتابه العزيز: ﴿وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنًا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾ لقد جعل ربنا تبارك وتعالى بيته المعظم مثابة للناس، مرجعًا للناس، ومجمعًا لهم في الحج والعمرة والطواف والصلاة يثوبون إليه، يأتونه ولا يقضون منه حاجتهم ثم يرجعون إلى أهليهم ثم يعودون إليه كلما رجعوا إلى أهليهم رجعوا إليه حبًّا وشوقًا وابتهاجًا.
إليه تشتاق الأرواح وفيه تتعاظم المسرات والأفراح، هو أمان الناس وسلامتهم وراحتهم وتلذذوا بعيشه وبركته، وقد روي عن عبد الله بن عمرو أيضًا أنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو مسند ظهره إلى الكعبة الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة لولا أن الله طمس نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب." أخرجه أحمد وابن حبان والله أعلم وأحكم.
ربنا اغفر لنا وارحمنا واهدنا وعافنا وارزقنا وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين