هل تعلمُ أنَّ اللهَ خلقَ سبعَ سمواتٍ ومنَ الأرضِ مثلَهنَّ؟


هل تعلمُ أنَّ اللهَ خلقَ سبعَ سمواتٍ ومنَ الأرضِ مثلَهنَّ؟
الموسم الرابع - الحلقة الثانية
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد أشرف المرسلين وخاتم النبيين
أما بعد، فقد قال الله تعالى في القرءان الكريم: ﴿الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهنَّ﴾. لقد خلق الله تعالى بقدرته سبع سماوات وسبع أراض ونحن نعيش على واحدة من هذه الأراضي السبع التي خلقها الله تبارك وتعالى وأبرزها من العدم إلى الوجود.
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عند تفسير ءاية ﴿الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن﴾ في كل أرض نحو ما على هذه الأرض، أي من المخلوقات، أي غير البشر. البشر هنا، من هذه خلقوا وفي هذه يدفنون ومن هذه يبعثون يوم القيامة، فكل أرض من الأراضي الستة الآن فيها مثل الذي على هذه الأرض من أنهار وبحار وأحجار وجبال وبهائم ووحوش وحشرات وطيور وغير ذلك، إلا البشر.
والسماوات التي خلقها الله عظيمة الخلقة تدل على عظمة قدرة الباري عزَّ وجلَّ؛ سمك السماء الواحدة مسافة خمسمائة عام وكلها مشحونة بالملائكة الذين يعبدون الله ويقدسونه ولا يفترون أي لا يتعبون عن ذكره.
وقد ورد أن المسافة التي ما بين سماء وسماء مسافة خمسمائة عام وكذلك المسافة ما بين أرض وأرض، فالسماوات السبع متراكبة بعضها فوق بعض، وكل واحدة منفصلة عن الأخرى، وكذلك السماوات السبع؛ قال الله تعالى: ﴿ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقًا وجعل القمر فيهنَّ نورًا وجعل الشمس سراجًا﴾.
﴿ألم تروا﴾ أي تنظروا وتتفكروا وتعتبروا ﴿كيف خلق الله سبع سماوات طباقًا﴾ أي بعضها فوق بعض؛ وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وبنينا فوقكم سبعًا شدادًا﴾ أي أن السماوات السبع شديدة عظيمة الخلقة في اتساعها وارتفاعها وإحكامها وإتقانها.
كل سماء ضخمة، أطول من هذه الأرض مساحة، هذه السماء التي تلينا لها أبواب، فكل باب عليه خزان من الملائكة، باب واحد من أبوابها اسمه باب التوبة الله تعالى خلقه، مسيرة عرض هذه الباب مسافة سبعين سنة، التوبة من هذا الباب تصعد إلى فوق.
وقد جاء في القرءان الكريم أن خلق السماوات السبع كان في ستة أيام وكل يوم من هذه الأيام الستة كألف سنة مما نعد أي بتقدير أيامنا هذه لقوله تبارك وتعالى: ﴿وإن يومًا عند ربك كألف سنة مما تعدون﴾ وقول الله تعالى: ﴿ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسَّنا من لغوب﴾ أي تعب وإعياء، وقوله تبارك وتعالى: ﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش﴾ ومعنى ﴿ثم استوى﴾ أي وقد استوى على العرش أي أن الله تعالى كان مستويًا على العرش أي قاهرًا له قبل خلق السماوات والأرض وليس معنى ﴿ثم﴾ في هذه الآية أن استواء الله على العرش أي قهره للعرش حصل بعدما خلق الله السماوات والأرض ومن المقرر عند علماء اللغة أن "ثم" تأتي بمعنى الواو وهذا معناها في هذه الآية كما قال إمام أهل السنة والجماعة أبو منصور الماتريدي.
وما يتصوره بعض الناس من أن الله بعدما خلق الأرض في يومين صعد إلى السماوات وخلقها في يومين ثم خلق مرافق الأرض الجبال والأنهار والمرعى وءادم في يومي الخميس والجمعة ثم صعد إلى العرش وجلس عليه هذا تحريف للقرءان الكريم ووصف لله تعالى بالتنقل وهو محال. أليس ذكر الله في القرءان الكريم أن إبراهيم عليه السلام استدل على أن الكوكب والشمس والقمر لا يصلحون للألوهية لكونهم يتنقلون، أليس ذكر الله عن إبراهيم عليه السلام أنه قال: ﴿لا أحب الآفلين﴾ أي أن الذي يتنقل من حال إلى حال لا يصلح أن يكون ربًّا خالقًا؟ والله أعلم وأحكم
ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين