هل تعلم بأن الله بعث الأنبياء مبشرين ومنذرين؟


هل تعلم بأن الله بعث الأنبياء مبشرين ومنذرين؟
الموسم الرابع - الحلقة السابعة عشرة
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على حبيبنا محمد أشرف المرسلين وخاتم النبيين، أما بعد:
فقد قال الله تعالى في القرءان الكريم: ﴿كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين﴾ عبد الله بن عباس ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم الملقب بترجمان القرءان فسر هذه الآية، قال: "كان الناس أمة واحدة أي كلهم على دين واحد هو الإسلام، ثم اختلفوا وبعد أن اختلفوا بأن اتخذ بعضهم دينًا غير الإسلام، بعث الله النبيين مبشرين من ءامن بالجنة ومنذرين من كفر بالنار." والعياذ بالله تعالى.
بعث الله الأنبياء رحمة للعباد، إذ القلب والعقل لا يستغنيان عن الأنبياء فيما أخبروا به صلوات الله عليهم، لأن العقل لا يصل لوحده لمعرفة المنجيات في الآخرة، فبعث الله النبيين مبشرين بالجنة من ءامن وعمل صالحًا ومنذرين من النار من ضل وخالف الطريق. وبعد بعث الرسل والأنبياء ليس للخلق حجة، ولولا أن الله بعث الرسل والأنبياء لقال العباد يوم القيامة: "يا ربنا، ما أرسلت إلينا رسولًا يعلمنا ما تحب من الأعمال وما تكره." لكن الله أحكم الحاكمين، بعث إليهم الرسل، بعث النبيين فقطع الحجة على الخلق، فربنا هو القائل في القرءان الكريم: ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا﴾.
النبوة جعلها الله خاصة في ذكور البشر، فليس في الملائكة أنبياء ولا في الجن أنبياء ولا في نساء البشر أنبياء، وليست النبوة تكتسب بالجد والنشاط والهمة في الطاعات والتقرب إلى الله، لا، النبوة لا تكتسب اكتسابًا، وإنما النبوة يخص الله بها من شاء من عباده، وختم الله النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم. ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليمًا﴾ أي لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم.
والنبوة من النبأ أي الخبر، فيه إخبار عن الله تعالى، أو هي من النبوة أي الرفعة، فالأنبياء عليهم السلام مقامهم رفيع، كيف يعرف النبي؟ أيد الله أنبياءه بالمعجزات، ما هي المعجزة؟ المعجزة هي أمر خارق للعادة لا يحصل عادة سالم من المعارضة بالمثل أي لا يستطيع أحد أن يعارضهم بالمثل.
المعجزة ليست سحرًا، فالساحر قد يعارض بساحر أقوى منه لكن المعجزة لا تعارض بالمثل، مقرونة بالتحدي، يتحدون بها وهي دليل على صدق دعوتهم. وكل نبي كان له معجزات، لكن نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أكثرهم معجزات، فقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "ما أعطى الله نبيًّا معجزة إلا وأعطى محمدًا مثلها أو أعظم منها". ومن معجزاته أنه كان في مسير مع بعض أصحابه، فرأى أعرابيًّا بدويًّا، اسمعوا إلى الحديث الذي جرى بين البدوي وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
السؤال الأول الذي وجهه رسول الله عليه الصلاة والسلام للأعرابي: "إلى أين؟" فقال الأعرابي: "إلى أهلي." أما السؤال الثاني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل لك إلى خير؟" هل أدلك على خير؟ فكان الجواب من البدوي: "وما ذاك؟" ما هو هذا الخير؟ قال له: "أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله." وهناك وجه البدوي سؤالًا: "من يشهد لك على ما تقول؟" البدوي الأعرابي يريد شاهدًا على ادعاء النبوة؛ أليس قلنا إن المعجزة تكون دليلًا على صدق دعوته؟ بلى. الأعرابي يفهم، فطلب شاهدًا، فكان الجواب فعليًّا، قال عليه الصلاة والسلام: "تلك الشجرة." وأشار إلى شجرة في شاطئ الوادي، فأقبلت الشجرة تخد الأرض خدا حتى امتثلت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. أشار إلى شجرة في شاطئ الوادي فأقبلت الشجرة، نبات لا روح فيه ولا تمييز لإشارة النبي صلى الله عليه وسلم تحرك من مكانه وأقبل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يخد الأرض خدًّا، يشقها شقًّا حتى امتثل بين يديه، فوجه السؤال للشجرة: "يا شجرة، أتشهدين بما قلت؟" فأجابت بلسان عربي فصيح بثلاث توكيدات: "أشهد أنك لرسول الله"، "أشهد أنك لرسول الله"، "أشهد أنك لرسول الله." أشهد للتوكيد وأنك للتوكيد واللام في لرسول الله للتوكيد.
نبات لا روح فيه ولا تمييز تشهد بثلاث توكيدات بلسان عربي فصيح، ثم أشار إليها فرجعت، فأسلم الأعرابي وقال: "أستأذنك يا رسول الله أن أرجع إلى قومي، فإن هم ءامنوا ءاتيتكم بهم وإلا رجعت إليك بنفسي." والله أعلم وأحكم.
اللهم ثبت قلوبنا على دينك، اللهم ثبت قلوبنا على دينك، اللهم ثبت قلوبنا على دينك، وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين