هل تعلم ما هو فضل ءادم على البشرية؟


هل تعلم ما هو فضل ءادم على البشرية؟
الموسم الرابع - الحلقة السادسة عشرة
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على حبيبنا محمد أشرف المرسلين وخاتم النبيين، وبعد:
فإن الله تبارك وتعالى خلق أنواع العالم ثم جعل ءاخر العالم الإنسان ءادم عليه السلام، وءادم أفضل ممن خلقه الله تعالى قبله، خلقت الملائكة قبله، وخلق الجان قبله، حتى البهائم والطيور والحشرات والأشجار، كل ذلك خلق قبل ءادم، ءادم جاء ءاخر الخلق، جعله الله ءاخر الخلق لأنه أفضل خلقه، فالله ختم أنواع العالم بهذا النوع الإنساني ءادم لأنه أشرف العوالم، ثم أنزل الوحي على ءادم عليه السلام فكان نبيًّا رسولًا.
لولا أن ءادم نبي رسول يأتيه الوحي فيعلم ذريته ما ينفعهم، ما يصلحهم في معاشهم وءاخرتهم لكان البشر كالبهائم، من يعلمهم لولا أن ءادم عليه السلام علمهم أصول المعيشة؟ الله علمه بالوحي كيف يستخرج الذهب وكيف تستخرج الفضة ثم كيف يعمل منها عملة فينتفع الناس بها وغير ذلك، وكان قد أنزل مع ءادم عليه السلام بالإضافة إلى العصا التي هي من ءاس الجنة الحجر الأسود وكان أول أمره أشد بياضًا من الثلج، لكنه صار أسود لتمسح أهل الشرك به بعد ذلك، وأنزل كذلك معه مر ولبان وهما دواءان نافعان، ثم أنزل إليه مع جبريل عليه السلام السندان والكلبة وهي ما يأخذ الحداد به الحديد المحمى والمطرقتان، فجعل يكسر أشجارًا قد عتقت ويبست بالمطرقة.
ثم علم كيف يوقد النار بواسطة ضرب الحجر بالحديد، فأوقد الحطب وأذاب قطعة حديد كانت نابتة من الجبل، فكان أول شيء صنعه ءادم عليه السلام مدية وهي شفرة تشبه السكين، فكان يذبح بها ما حل له ذبحه من البهائم. ثم صنع فأسًا يحفر بها ويكسر ومحراثًا يحرث به الأرض ونيرًا وهو الذي يوضع على الثيران المعد للحراثة، كل ذلك وجبريل عليه السلام يعلمه، ثم بعد ذلك اتخذ ءالة النجارة وأتاه جبريل عليه السلام بكبش، فذبحه ءادم عليه السلام وشواه وأكل هو وحواء من لحمه واتخذ المقص فجز هو وحواء به الصوف من الكبش وغزلاه، فنسج ءادم عليه السلام له جبة وحواء نسجت قميصًا وخمارًا أي ما يغطى به الرأس، ثم ضرب التنور وهو الفرن وكان ءادم عليه السلام قد جاع لأول مرة بعد نزوله من الجنة، فطلب من ربه الطعام، فجاء سيدنا جبريل عليه السلام بسبع حبات من حنطة، كل حبة على قدر بيضة النعامة، ثم فيما بعد صارت تصغر ولونها أبيض بلون الثلج وبحلاوة العسل، فوضعها جبريل عليه السلام في يد ءادم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فقال: "ما أصنع بهذا؟" قال جبريل عليه السلام: "انثره في الأرض" ففعل، فأنبته الله من ساعته، فجرى أمر الزرع في ولد ءادم إلى يومنا هذا، ثم أمره جبريل فحصده ثم أمره فجمعه وقطعه بالمدية وفركه بيده، ثم أمر أن ينقيه من القشور اليابسة، ثم أتاه بحجرين عريضين، فوضع أحدهما على الآخر، فطحن القمح وبعد الطحن أمره أن يعجنه ثم أن يخبزه في التنور فخرج الرغيف ناضجًا بحول الله وقوته، وكان هذا أول رغيف خبز.
ثم جيء له بثورين أحمرين، فصار يحرث عليهما ويبذر ثم ينتظر الزرع لينمو فيحصده، وكان ءادم عليه السلام يعرق فيمسح عرقه عن جبينه الشريف علامة على التعب الذي يلاقيه في الدنيا ولم يكن يشعر به في الجنة. ثم أخذ في الغرس حتى غرس كل ما على وجه الأرض من أنواع الثمار والأشجار المختلفة الألوان والطعوم والرائحة، وكان أول بقلة زرعها ءادم عليه السلام هي الهندباء وأول ما زرع من الرياحين الحناء ثم الآس وهو أول من حفر الآبار إلى أشباه ذلك من أصول المعيشة، هو علم أولاده، فآدم عليه السلام هو الذي علم البشر أصول المعيشة إلى جانب ما يعلمهم ىمن أمور الدين الصلاة ونحوها، ويبين لهم ما حرم الله تعالى صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع رسل الله.
كثير من الناس لا يعرفون لآدم عليه السلام قدره والعياذ بالله، يعرفون أنه أبو البشر أما أن يعرفوا له فضله الذي وعده الله فلا، إنما يعرف ذلك من عرف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف كتاب الله عزَّ وجلَّ.
اللهم ارزقنا علمًا نافعًا وقلبًا خاشعًا ولسانًا ذاكرًا وجسدًا على البلاء صابرًا
اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين