هل تعلمُ أنَّ ءادم كان يعلم كل اللغات؟


هل تعلمُ أنَّ ءادم كان يعلم كل اللغات ؟
الموسم الرابع - الحلقة الخامسة عشرة
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
فقد قال الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم: ﴿وعلم ءادم الأسمآء كلها﴾، لقد علم الله تبارك وتعالى ءادم عليه السلام أسماء الأشياء كلها كبيرها وصغيرها وما هي صفات الأشياء، فعلمه هذا اسمه فرس، وهذا اسمه بعير، وهذا بحر، وهذا جبل، وهذا سهل، وهذه سماء، وهذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا، وبيَّن له أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية. أفاض الله تعالى على ءادم عليه السلام علم الأسماء كلها من دون تعليم من قبل ملك أو جن، وكان يعلم اللغات ويتكلم اللغة السريانية ويحسن التعبير، فالله تبارك وتعالى أرسل الأنبياء في غاية الكمال، يحسنون التعبير ليبلغوا الرسالة التي أمرهم الله بتبليغها، وفي غاية الجمال لا ينفر الناس منهم ولا يشمئزون، وكذلك علمه اللغات جميعها جملة وتفصيلا، وكان ءادم عليه السلام أول من تكلم باللغات كلها من البشر من العربية والفارسية والرومية وغيرها، وكان أولاده يتكلمون بهذه اللغات، فلما مات ءادم عليه السلام وتفرق أولاده في نواحي الأرض، تكلم كل واحد منهم بلغة معينة من تلك اللغات فغلب عليه ذلك اللسان أي تلك اللغة.
وبعد أن علم الله تعالى ءادم أسماء الأشياء عرضها على الملائكة، فقال الله تعالى امتحانًا للملائكة ليريهم فضل ءادم عليهم: ﴿أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين﴾ أي قال الله لهم اذكروا أسامي هذه الأشياء، فأجابت الملائكة بقول: ﴿سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا﴾ معناه المعلومات التي لنا أنت خلقتها، لسنا نحن خالقيها، لا نستطيع أكثر مما أنت أعطيتنا من العلوم. ﴿سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا﴾ هنا تبين لنا الآية أن الملائكة يعتقدون أن أعمال العباد بخلق الله تبارك وتعالى لا بخلق العباد، فإن الملائكة فوضوا العلم إلى الله تبارك وتعالى، أي أنه تعالى هو الذي يخلق فيهم العلوم التي وصلت إليهم وأنهم ليسوا خالقيها، ثم قيل لآدم عليه السلام: ﴿أنبئهم بأسمآئهم﴾ أي أسماء الأشياء، فأنبأهم فعرفوا فضله، عرفوا لماذا هذا الفضل الذي جعله الله للبشر، فقد جعل الله خليفة من البشر في الأرض، هم ما أرادوا الاعتراض، الملائكة أرادوا أن يعرفوا الحكمة وأراد الله بإعلامهم بهذا الأمر أن يعظم شأن ءادم عليه السلام بذكر خلافته قبل وجوده ليكونوا مطمئنين له لأنه سيؤدي أوامر الله وأحكامه وسيكون في بني ءادم من سيفسد ويسفك الدماء ظلمًا، وبما أن الملائكة لا يعصون الله أبدًا تعجبوا ممن سيعصي الله وسألوا مستفهمين لا معترضين: ﴿أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك﴾ ثم قالوا: "وكيف يعصونك يا رب وأنت خالقهم؟" قال: ﴿إني أعلم ما لا تعلمون﴾ أي لا تتعجبوا من أن يكون فيهم من يفسد ويقتل، فإني أعلم مع هذا بأن فيهم جمعًا من الصالحين والمتقين وأنتم لا تعلمون.
اللهم علمنا ما جهلنا وذكرنا ما نسينا وزدنا علمًا وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين