سلسلة هل تعلم حلقات الموسم الثالث - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هل تعلمُ أنَّ "لا إلٰهَ إلا اللهُ" أفضلُ كلمةٍ يقولُها المؤمنُ؟


هل تعلمُ أنَّ "لا إلٰهَ إلا اللهُ" أفضلُ كلمةٍ يقولُها المؤمنُ؟
الموسم الثالث - الحلقة الرابعة عشرة
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

إنَّ مِنْ أعظمِ الكلماتِ على الإطلاقِ وأجلِّها وأرفعِها شأنًا، وأعلاها مكانةً كلمةَ التوحيدِ كلمةَ "لا إلٰهَ إلا اللهُ". فهي كلمةٌ ليست هينةً على اللهِ، بل قالَ عنها الرسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "أحسنُ الحسناتِ" معناهُ أفضلُ الحسناتِ. فقد روى أحمدُ في المسندِ وغيرُه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "إِذا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْها بالحسنةِ" قالوا: يا رسولَ اللهِ أمِنَ الحسناتِ لا إِلٰهَ إلا اللهُ؟ قالَ: "هِيَ أَحْسَنُ الحسناتِ"، معناهُ هي أَولى أن تمحوَ السيئاتِ مِنْ غيرِها مِنَ الحسناتِ.
ففي هذا الحديثِ أنَّ "لا إلٰهَ إلا اللهُ" هي أفضلُ الحسناتِ على الإِطْلَاق وذلك لأنها كلمةُ التوحيدِ كلمةُ الإِخْلاصِ، بها يَدْخُلُ غيرُ المؤمنِ في الإِيمانِ، ولا يَدْخلُ بالتسبيحِ ولا بالتكبيرِ ولا بالتحميدِ ولا بغيرِ ذلكَ من أنواعِ التقديسِ للهِ تعالى.
فلذلكَ كانت هي أحسنَ الحسناتِ أفضلَ الكلماتِ. فقولُ الرسولِ: "إنها أحسنُ الحسناتِ" أفهَمنا أنها أفضلُ مِن غيرِها من أنواعِ الذكرِ والتمجيدِ للهِ تعالى.
كما أخبرَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّ هذه الكلمَةَ هي خيرُ كلمةٍ قالَها نبيٌّ، وهو ما رواهُ مالكٌ في الموطَّأِ وغيرُهُ أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "أفضلُ ما قُلْتُهُ أنا والنبيونَ من قبلي لا إلٰهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ"، وفي لفظٍ "أفضلُ ما قُلْتُهُ أنا والنبيونَ من قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، له المُلْكُ ولهُ الحمدُ وهو على كُلِّ شىءٍ قديرٌ".
ففي هذا الحديثِ الصحيحِ الثابتِ الذي رواهُ الإمامُ مالكٌ رضيَ اللهُ عنه في الموطأِ ورواهُ غيرُهُ مِنْ أئمةِ الحديثِ دليلٌ واضحٌ على أنَّ "لا إلٰهَ إلا اللهُ" أفضلُ ما يُقالُ، أي أفضلُ ما يُمْتَدَحُ بِهِ الربُّ، أفضلُ ما يُمَجَّدُ بِهِ الربُّ تباركَ وتعالى.
"لا إلٰهَ إلا اللهُ" مع خِفَّتِها على اللسانِ وعدمِ المشقةِ في النطقِ بها فهي أفضلُ ما يُتقرَّبُ بهِ إلى اللهِ، الله تعالى جعلها خفيفةً على اللسانِ لِيُسَهِّلَ الدّخولَ إلى الإسلامِ لمن كانَ على غيرِ دينِ الإسلامِ إذا قَرَنَها بقولِ "محمَّدٌ رسولُ اللهِ".
كما جعلَ اللهُ معناها واسعًا لأنَّ معناها أنّه لا يُوجد شىءٌ يَستحقُّ نهايةَ التذللِ لَهُ إلا هُو، أي هُوَ الذي يَستحِقُّ أنْ يُعظَّمَ أكثرَ مِنْ كلِّ شىءٍ وهُوَ الذي يستحِقُّ أنْ يُخافَ منهُ أكثرَ مِنْ كلِّ شىءٍ لأنَّهُ هو الخالقُ للعالمِ، وهو الذي أَوْجَدَ العالَمَ بأسرِهِ.
ثم كلمةُ "لا إلٰهَ إلا اللهُ" فيها دِلالةٌ على جميعِ ما يَجِبُ للهِ تعالى أنْ يتصِفَ به من صفاتِ الكمالِ. هذه الكلمةُ تدلُّ على أنَّ هذا الذي يستحقُّ نهايةَ التذللِ حيٌّ ليسَ ميتًا، وتدلُّ على أنَّ هذا الإلٰهَ عالِمٌ بكلِّ شىءٍ، كما تدلُّ على أنهُ متصفٌ بالقدرةِ أي الاقتدارِ على اختراعِ ما أرادَ دخولَهُ في الوجودِ.
وهذا اللفظُ متضمنٌ أيضًا للإرادةِ، أي أنَّ اللهَ تعالى يُخَصِّصُ ما شاءَ بما شاءَ، هو خَصَّصَ الإِنْسانَ بصفاتٍ خاصةٍ بهِ بدلَ أن يجعلَهُ كغيرِه من مخلوقاتهِ، وخصَّصَ غيرَ الإنسانِ أيضًا بصفاتٍ شاءَ أن تختصَّ به. فلا إلٰهَ إلا اللهُ أفضلُ ما يُتَقَرَّبُ بِهِ إلى اللهِ؛ وذلكَ لأنها توحيدٌ للهِ، تَتَضَمَّنُ معنى الصفاتِ الثلاثَ عشْرةَ الواجبةِ معرفتها على كلِّ بالغٍ عاقلٍ.
ولقد حثَّ الرسولُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أمتَهُ على هذه الكلمةِ لأنَّها كلمةٌ عظيمةٌ، لها فضائلُ عظيمةٌ، ومزايا جمَّةٌ لا يُمْكِنُ عَدُّها، وليسَ مِنَ السهلِ حصرُها واستقصاؤُها. وإنَّ نبيَّنا عليه الصَّلاةُ والسَّلام عدَّها أفضلَ الذكرِ وأعلا شأنَها، كما في الترمذيِّ عنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّه قالَ: "أفضلُ الذكرِ لا إلٰه إلا اللهُ". فينبغي الإكثارُ منها أكثرَ من غيرِها مِنْ أنواعِ الذكرِ.
لا إلٰهَ إلا اللهُ أحسنُ كلمةٍ يقولُها المؤمنُ فهي مفتاحُ الجنةِ وهي دعوةُ الرسلِ، ومَنْ كانت ءاخِرَ كلامِهِ مِنَ الدنيا دخلَ الجنةَ كما صحَّ ذلكَ عَنْ رسولِ اللهِ صلَى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:"مَنْ كانَ ءاخِرُ كلامِه لا إلٰهَ إلا اللهُ دخلَ الجنةَ يومًا من الدهرِ وإنْ أصابَهُ قبلَ ذلكَ ما أصابَهُ" رواهُ ابنُ حبانَ في صحيحِهِ. معناهُ مَن ماتَ على الإِيمانِ خَتَمَ حياتَهُ على الإِسلامِ لا بُدَّ أن يَدْخُلَ الجنةَ وإنْ أصابَهُ قبلَ دخولِ الجنةِ عذابٌ بذنوبِه الكبيرةِ.
لا إلٰهَ إلا اللهُ تمحو الذنوبَ والخطايا، فهي مُوجِبَةٌ للمغفرةِ ومنجاةٌ مِنَ النارِ. تَحرُمُ النارُ على مَنْ قالَها مُخْلِصًا.أَخْرَجَ الشيخانِ في حديثِ عُتْبانَ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ عَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ قالَ: " فإنَّ اللهَ حَرَّمَ على النارِ مَنْ قالَ لا إلٰهَ إلا اللهُ يبتغي بذلكَ وجهَ اللهِ". معناهُ أنَّ اللهَ تعالى حَرَّمَ على النَّارِ أي الدوامَ فيها إلى الأبدِ مَنْ قالَ لا إلٰهَ إلا اللهُ مُعتقِدًا في قلبِهِ لا مُنافِقًا.
اللَّهمَّ اغفِر لنا ذنوبَنَا وإسرافَنَا في أمرِنا وكفِّر عنّا سيئاتِنا وتوفَّنا مع الأبرار واجعل ءاخر كلامنا لا إله إلا الله