سلسلة هل تعلم حلقات الموسم الأول - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هل تعلم مَن هو فتى الكهولِ رضِيَ اللَّهُ عنهُ؟


هل تعلم مَن هو فتى الكهولِ رضِيَ اللَّهُ عنهُ؟
الموسم الأول - الحلقة السابعة والأربعون
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

كانَ سيّدُنا عبدُ الله بنُ عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عنهما حرِيصًا على العِلمِ واتِّباعِ رسولِ الله صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم، وعندما كانَ دونَ البلوغِ ومن شدَّةِ رغبتِهِ في الاطِّلاعِ على أعمالِ الرَّسولِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم باتَ في بيتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم لأنَّ خالتَهُ ميمونة إحدى أزواجِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم ثُمَّ لَمَّا قامَ الرَّسولُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِيَتَهَجَّدَ أي ليصليَ لِرَبِهِ تَطَوُّعًا وتَقَرُّبًا إلى اللَّهِ قامَ عبدُ اللَّه فَتَوَضَّأَ ووَقَفَ إلى جانِبِ الرَّسولِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم، كانَ هو وقَفَ على يسارِ الرَّسولِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَأدارَهُ، مَسَكَ أُذُنهُ فَأدارَهُ إلى اليمينِ، كانَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللَّهُ عنهُ يُسَمِّيهِ فتى الكهولِ؛ لأنَّ النَّاسَ الكِبارَ في السِّنِّ قالوا: إنَّ عُمَرَ يُدْنِي عبدَ اللَّه بنَ عبَّاس رضِيَ اللَّهُ عنهُ الَّذي هو صغيرُ السِّنّ ولا يُدْنِي أولادَنا، عتبوا عليه فقالَ لهم: "إنَّهُ فتى الكهولِ" هذا لو كانَ عمرهُ صغيرًا لكِنَّهُ كامِلُ العَقلِ.
هذا هو عبدُ اللَّهِ بنُ عبَّاس رضِيَ اللَّهُ عنهما الَّذي هو ابنُ عَمّ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم. حَفِظَ القرءان وكانَ عالِمًا بالتَّأويلِ وسمَّاه الرَّسول صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم أيضًا "ترجمان القرءان". وقد عقد الحافِظُ السّيوطيّ في كتابِهِ الإتقان فصلًا ينقُلُ فيه بعض التَّأويلات لبعض الـمُتَشَابِهات من الآياتِ مع ذكرِ تنزيه اللَّه عن حقيقتِها كتأويل ابن عبَّاس لقوله تعالى: "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ( ٤٢)"، "سورة القلم". قالَ: "هذا يوم كرب وشدَّة"، رواهُ الحاكِم وصحَّحَه ووافَقَهُ الذَهَبي، قالَ: ومِنْ ذلِكَ صِفَة الفَوْقِيَّة في قولهِ تعالى: "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ (١٨)"، "سورة الأنعام". وقوله تعالى: "يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّنْ فَوْقِهِمْ (٥٠)"، "سورة النحل". والـمُرادُ بِها العُلُوْ مِن غيرِ جهةٍ". انتهى كلام الحافِظُ السّيوطي في الإتقانِ.