سلسلة هل تعلم حلقات الموسم الأول - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هل تعلم ما هُوَ طريقُ السَّلامة؟


هل تعلم ما هُوَ طريقُ السَّلامة؟
الموسم الأول - الحلقة الثالثة والأربعون
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

في مُسنَدِ الإمامِ أحمَدَ بنِ حَنبلٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ مِنْ حَديثِ سُفيانَ بنِ عبدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ رضِيَ اللَّهُ عنهُ أنَّهُ قالَ: قُلتُ "يا رسولَ اللهِ حَدِّثني بأمرٍ أعتَصِمُ بِهِ"
قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ استَقِمْ"
قالَ: قُلتُ يا رسولَ اللَّهِ "ما أَخْوَفُ ما تخافُ عَلَيَّ؟"
قالَ فأخَذَ بِلِسانِ نفسِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ قالَ: "هَذَا"
الصَّحابِيُّ سألَ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"حَدِّثنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ" أي علِّمنِي أمْرًا أتَمَسك بِه لِدِيني، فأجابه الرسولُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم بِقَوله: "قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ استَقِمْ"
أي وَحّد اللَّه تَعالى وءَامِن بِهِ ثم استَقِمْ، فلا تَحِدْ عَن التَّوحيدِ والتَزِمْ طاعَته سُبْحَانَهُ وتَعالى إلى أنْ تَموتَ على ذَلِك. فَمَنْ تـحَققتْ فيهِ هذهِ الصِّفَةُ فهو وَلِي اللَّهِ سُبحانَهُ وتَعالى لِذا قالَ اللَّهُ تَعالى في صفةِ مَنْ كانَ كذَلِك: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الـمَلائِكةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُواْ (٣٠)﴾ (سورةُ فصِّلت)
فالوَلِيُّ هُوَ الَّذي ءَامَنَ بِاللَّهِ تَعالى وبِرَسولِهِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واستَقَامَ بِطاعَةِ رَبه
أي لازَمَ طاعةَ اللَّهِ بِأنْ أَدى ما افتَرَضَ اللَّهُ على عِبادِهِ أن يَفعلوه واجتنب ما افترض اللَّهُ تَعالى على عِبادِهِ أن يَجتَنبوه وأكثَرَ مِنَ النَّوافِل وثبَتَ على ذَلِكَ حتَّى المَمَات.
أمَّا القِسم الثانِي مِن الحديثِ فمَعناهُ هذا أشَد ما أخافُ عليكَ لأنه أكثَرُ ما يَضرك مَعاصِي لسانكَ، وكثيرٌ منَ الناس لا يَعمَلونَ بهِ فإن النَّفسَ لها شَهوة كبيرةٌ في الكلامِ الَّذي تَهواهُ مِن غيرِ تَفكير في عاقبته، فلْيتنبه العاقلُ إلى أن حِفظَ اللِسانِ أمر مُهم وهو أكثرُ ما يُهلِكُ الإنسانَ في الآخرةِ لأنَّ الكلامَ سهل على اللِسانِ أمَّا الْمَشْي فيحتاجُ إلى كُلفَة.
اللِسانُ سَهل أنْ يَنْطقَ بِما يَشاءَ، فأكثَرُ ما يَفعلُهُ العبدُ مِن الذنوبِ والمعاصي هُوَ مِن اللسانِ.
فيَجِبُ على الإنسان أنْ يحفظَ لِسانَه، وطريقَةُ حِفظِهِ أنْ يتفكر العَبدُ في عاقِبة ما يخطُرُ لهُ أن يتكلم بِهِ، فإنْ لم يكنْ فيهِ خَطَر يَنطِقُ بهِ هذا هو طريقُ السَّلامَةِ.
أمَّا أن يُطلِقَ لسانه بدونِ التفكُر في عاقبَةِ ما يخرُج منهُ فهذا خَطر عَظيمٌ، فإن أكثرَ العَداوات والخُصومات سبَبها اللسانُ، وكذا التَّباغض والتقاطع والغيبَةُ والنَّميمَةُ والكذِبُ وشهادَةُ الزُّورِ واللعنُ والشَتم وغيرُ ذلِكَ كثير، فيَنبَغِي على كُلِّ إنسان أن يُحاسِب نَفسَهُ ويُفكِّرَ فيما يَعودُ عليه بِكلامِهِ الذي يَتكلمُ بهِ قبلَ أن يَنطِقَ فبذلِكَ السَّلامَةُ.