سلسلة هل تعلم حلقات الموسم الأول - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

هل تعلم أن مِن أَعظَمِ شَعَائِرِ يَومِ العِيدِ ذَبحُ الأَضاحِي؟


هل تعلم أن مِن أَعظَمِ شَعَائِرِ يَومِ العِيدِ ذَبحُ الأَضاحِي؟
الموسم الأول
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الحمدُ للهِ الذي أرسلَ رسولَهُ الأعظمَ، ونبيَّهُ الأفخمَ الذي دعا الناسَ إلى الخيرِ والرشادِ، وأيدَهُ اللهُ بالمعجزاتِ الباهراتِ، وأنطقَهُ بالحكمِ البالغةِ، صلى اللهُ عليهِ وعلى ءالِهِ وصحابتِهِ الأَخيارِ، ما أَشرقتْ شمسٌ وتعاقبَ ليلٌ ونهارٌ.
أما بعدُ فإنَّ مِنْ شَعَائِرِ الإسلامِ عيدَ الأضحى وعيدَ الفطرِ، وَمِن أَعظَمِ شَعَائِرِ يَومِ العِيدِ وَأفضَلِ الأَعمَالِ وَأَحَبِّهَا إلى اللهِ تعالى فِيهِ وفي أَيَّامِ التَّشرِيقِ ذَبحُ الأَضاحِي وَالتَّقَرُّبُ إلى اللهِ بِإِهرَاقِ دِمَائِهَا، يَقُولُ اللهُ سُبحَانَهُ وتعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَر﴾. ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ أي صلاةَ العيدِ ﴿وَانحَر﴾ أي اذبَحْ يومَ النحرِ الذبائحَ. وهي وهي الإبلُ وهي خيارُ أموالِ العربِ، وقيلَ غيرُ هذا. فالنحرُ من المناسكِ والعباداتِ التي يختصُّ صرفُها للهِ ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتي وَنُسُكِي وَمَحيَايَ وَمماتي للهِ رَبِّ العَالمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ﴾. [الأنعام:162].
وعن عائشةَ رضيَ اللهُ تعالى عنها أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: ما عَمِلَ ءادميٌّ مِنْ عَمَلٍ يومَ النحرِ أحبَّ إلى اللهِ مِنْ إهراقِ الدمِ إنها لتأتيَ يومَ القيامةِ بقرونِها وأشعارِها وأظلافِها وأن الدمَ ليقعُ مِنَ اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ مِنَ الأرضِ فطِيبُوا بها نفسًا ". رواهُ الترمذيُّ.
فالأُضحِيَةُ مَشرُوعَةٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسلِمِينَ بِلا خِلافٍ بَينَهُم، وَذَبحُ الهَدَايَا وَالأَضَاحِي مِن شَعَائِرِ هَذَا الدِّينِ الظَّاهِرَةِ، بل هِيَ مِنَ العِبَادَاتِ المَشرُوعَةِ في كُلِّ المِلَلِ، فَعَلَهَا إِبرَاهِيمُ أَبُو الأَنبِيَاءِ فِدَاءً لابنِهِ إِسمَاعِيلَ عَلَيهِمَا السَّلامُ، وحَرِصَ على هذهِ العبادةِ سيدُ الأولينَ والآخرينَ نَبِيُّنَا محمدٌ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَسَنَّهَا وَحَثَّ أُمَّتَهُ عَلَيهَا.
عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ الله عنهُ في الصحيحينِ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يُضحِّي بِكَبِشَينِ أقرَنَينِ أملَحَينِ ولقد رأيتُهُ يضعُ رجلَهُ في صِفاحِهما ويُسَمّي ويُكَبِّرُ" وفي روايةٍ: "ولقد رأيتُهُ يذبحُهُما بيدِهِ". قالَ أنسٌ: وأنا أُضَحِّي بهما.
ونحنُ اليومَ في أمةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يُسَنُّ لنا الأضحيةُ وهي سنةٌ تُذْبَحُ يومَ العيدِ أو في الأيامِ الثلاثةِ التي تليهِ، أيامِ التشريقِ فقد روَتْ عائشةُ رضيَ اللهُ عنها أَنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "ضَحُّوا وطَيِّبوا أَنفسَكُم فإنهُ ما مِنْ مُسلمٍ يَسْتَقْبِلُ بذَبيحتهِ القِبلةَ إلا كانَ دمُها وفَرثُها وصُوفُها حَسناتٍ في ميزانِهِ يومَ القيامةِ". فهذا حَثٌّ مِنْ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على الخيراتِ والمبرّاتِ والإنفاقِ لوجهِ اللهِ تعالى.
فحريُّ بالمسلمِ أن يُحافظَ عليها ويَهتمَّ بها، وأن يتقربَ إلى اللهِ بعملٍ حَرِصَ عليهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولتكُنْ هذهِ الأُضحيةُ عملاً صالحاً تَتَقَرَّبُ بهِ إلى اللهِ في هذهِ الأَيامِ العَشرِ، لتنالَ بها الأَجرَ، فالعملُ الصالحُ فيها أَفضلُ مِنَ العملِ في غيرِها كما قالَ خيرُ البشرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَضَحُّوا وَطِيبُوا بِضَحَايَاكُم نَفسًا، وَاستَشعِرُوا في ذَبحِهَا التَّقَرُّبَ إِلى اللهِ وَإِخلاصَ النِّيَّةَ لَهُ وَاحتِسَابَ الأَجرِ وَالثَّوَابِ عِندَهُ، بَعِيدًا عَنِ الرِّيَاءِ وَالسُّمعَةِ وَالمُبَاهَاةِ وَالمُفَاخَرَةِ أَو مُجَارَاةِ النَّاسِ فاتقوا اللهَ ربَّكُم، واعلَمُوا أن تعظيمَ شعائرِ اللهِ هو مِنَ التقوى، فإنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى قالَ: ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ﴾ [الحج:37] الآيةَ.
اللهم أعِنَّا على ذكرِكَ وشُكرِكَ وحُسْنِ عبادتِكَ، اللهُمَّ ءاتِ نفوسَنا تَقْواها وَزكِّها أنت خيرُ مَنْ زَكَّاها، أنت وليُّها ومولاها.