سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات رحلة العمر الحج - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الثواب الجزيل في الحج


الثواب الجزيل في الحج
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

فقَدْ جَعَلَ اللهُ لِلْحَجِّ مَزِيَّةً لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ وَلَا لِلزَّكَاةِ وَهِيَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ الكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ فَفِي الـحَجِّ الثَّوَابُ الـجَزِيلُ العَظِيمُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
ثُمَّ الشَّرْطُ فِي كَوْنِ الـحَجِّ يُكَفِّرُ الكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ وَيَـجْعَلُ الإِنْسَانَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَكُونَ الـمَالُ الَّذِي يَتَزَوَّدُهُ لِـحَجِّهِ حَلَالًا، وَأَنْ يَـحْفَظَ نَفْسَهُ مِنَ الفُسُوقِ أَيْ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَالـجِمَاعِ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ بِـهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يَـجْعَلُهُ حَجُّهُ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. هَذَا مَعْنَى بَعْضِ مَا يَـحْتَوِيهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ»، لَكِنَّهُ لَوْ لَمْ يَـحْفَظْ نَفْسَهُ مِنْ صَغَائِرِ الذُّنُوبِ فَلَا يَـمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ الفَضِيلَةِ وَهِيَ أَنْ يَـخْرُجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَلَا يُقَالُ لِلَّذِي تَـحْصُلُ مِنْهُ الصَّغَائِرُ وَهُوَ فِي الـحَجِّ كَكَذْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِلْـحَاقُ ضَرَرٍ بِـمُسْلِمٍ وَنَظْرَةٍ بِشَهْوَةٍ «فَسَدَ حَجُّكَ»، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ صَبِيحَةَ العِيدِ بِـمِنًى امْرَأَةً شَابَّةً جَمِيلَةً تَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الـحَجِّ فَجَعَلَ ابْنُ عَمِّهِ الفَضْلُ بنُ العَبَّاسِ يَنْظُرُ إِلَيْهَا أَعْجَبَهُ حُسْنُهَا، وَجَعَلَتْ هِيَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ فَأَعْجَبَهَا حُسْنُهُ، فَصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّهِ الَّذِي كَانَ رَاكِبًا خَلْفَهُ عَلَى البَعِيـرِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ أَنْتَ أَذْهَبْتَ ثَوَابَ حَجِّكَ لِأَنَّكَ نَظَرْتَ نَظْرَةً مُـحَرَّمَةً. وَهَذَا الـحَدِيثُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَالتِّـرْمِذِيُّ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَالصَّلَوَاتُ الـخَمْسُ الـمَفْرُوضَةُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى هِيَ أَفْضَلُ مِنَ الـحَجِّ الَّذِي فِيهِ بَذْلُ الـمَالِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى النَّفْسِ كَبِيـرَةٌ. وَلِلْحَجِّ شَرَائِطُ وُجُوبٍ، وَأَرْكَانٌ وَمُبْطِلَاتٌ وَوَاجِبَاتٌ.
وَالـحَجُّ فَرْضٌ بِالإِجْمَاعِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي العُمْرِ عَلَى الـمُسْتَطِيعِ، وَأَمَّا العُمْرَةُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا فَذَهَبَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ إِلَى فَرْضِيَّتِهَا، وَذَهَبَ بَعْضٌ إِلَى أَنَّـهَا سُنَّةٌ لَيْسَتْ فَرْضًا.
اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مُؤْمِنِيـنَ بِرَحْمَتِكَ يَا رَبَّ العَالَمِيـنَ.