لا يتفاضلون إلا بالتقوى
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». فَالـحَجُّ مِنْ جُمْلَةِ أُمُورِ الإِسْلَامِ الـمُهِمَّةِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ، الـحَجُّ فَرْضٌ مُـجْمَعٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ عَلَى الـمُسْتَطِيعِ.
لِيُعْلَمْ أَنَّ لِأَعْمَالِ الـحَجِّ وَشَعَائِرِهِ فَوَائِدَ وَحِكَمًا عَظِيمَةً وَمَزَايَا جَلِيلَةً لَوْ أَدْرَكَ كَثِيـرٌ مِنَ الـمُسْلِمِيـنَ مَغْزَاهَا لَتَسَابَقُوا إِلَيْهَا، فَالـحَجُّ مُـجْتَمَعٌ إِسْلَامِيٌّ سَنَوِيٌّ هَائِلٌ، يَـجْتَمِعُ فِيهِ مِئَاتُ الآلَافِ مِنَ الـمُسْلِمِيـنَ يَـجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ... وَهُنَاكَ يَدْعُونَ رَبَّـهُمْ وَخَالِقَهُمْ وَيَتَعَارَفُونَ وَيَأْتَلِفُونَ وَيُصْبِحُونَ بِنِعْمَةِ اللهِ إِخْوَانًا، هُنَاكَ فِي تِلْكَ الأَرْضِ الـمُقَدَّسَةِ يَتَذَكَّرُ الـمُسْلِمُ أَخَاهُ الـمُسْلِمَ وَمَا لَهُ مِنْ حُقُوقٍ، وَيَتَعَارَفُونَ وَيَتَفَاهَمُونَ وَيَتَعَاوَنُونَ عَلَى الخير. وَهُنَاكَ تَتَجَلَّى مَعَانِي الأُخُوَّةِ وَالـمُسَاوَاةِ بَيْـنَ الـمُسْلِمِيـنَ فِي أَحْلَى صُوَرِهَا، فَالـحُجَّاجُ جَمِيعُهُمْ قَدْ خَلَعُوا الـمَلَابِسَ وَالأَزْيَاءَ الـمُزَخْرَفَةَ وَلَبِسُوا لِبَاسَ الإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ أَشْبَهُ مَا يَكُونُ بِأَكْفَانِ الـمَوْتَى.
وَهُمْ مُتَجَرِّدُونَ مِنْ مَبَاهِجِ الـحَيَاةِ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ، صَغِيـرُهُمْ وَكَبِيـرُهُمْ، غَنِيُّهُمْ وَفَقِيـرُهُمْ كُلُّهُمْ عِنْدَ اللهِ سَوَاءٌ لَا يَتَفَاضَلُونَ إِلَّا بِالتَّقْوَى كَمَا أَخْبَـرَنَا الـحَبِيبُ الأَعْظَمُ وَالـمُعَلِّمُ الأَكْبَـرُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إن أولى الناسِ بي المتقونَ من كانوا وحيثُ كانوا" رواه ابن حبان وصحَّحَهُ. ويقول الله تعالى: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ [سورة الحجرات / 13].].
جعلني اللهُ وإِيَّاكُمْ مِنَ المُتَقين الخَاشِعِينَ الذِينَ ال خُوفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى