سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات رحلة العمر الحج - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

لا خير في عبادة لا فقه فيها


لا خير في عبادة لا فقه فيها
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

فإن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ القَائِلُ: «إِنَّـمَا الأَعْمَالُ بِالنِّـيَّاتِ»، ولَيْسَ مَعْنَاهُ أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَعَلَّمُوا الوَاجِبَاتِ وَلَا تَتَكَلَّفُوا طَلَبَ عِلْمِ الدِّينِ فَلْيَنْوِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا شَاءَ فِيمَا شَاءَ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، لَا. أَلَـمْ تَسْمَعْ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ لَمَّا رَءَاهُ النَّبِيُّ يُسِيءُ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقَالَ لَهُ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ لَهُ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». قَالَ: وَاللهِ لَا أُحْسِنُ غَيْـرَ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ ثُمَّ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَاءَ الصَّلَوَاتِ وَالكَيْفِيَّةَ الَّتِي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِـهَا.
مِنَ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الإِحْرَامَ هُوَ لُبْسُ الأَبْيَضِ فَقَطْ مِنْ غَيْـرِ أَنْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ الفِعْلَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ بِهِ: الـحَجَّ فَقَطْ أَوِ الـحَجَّ وَالعُمْرَةَ مَعًا وَهُوَ القِرَانُ، أَوْ أَنْ يَعْتَمِرَ الآنَ ثُمَّ بَعْدَ العُمْرَةِ يَأْتِي بِأَعْمَالِ الـحَجِّ وَهُوَ التَّمَتُّعُ.
ولَيْسَ الأَمْرُ عَلَى مَا يَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ فِي تَفْسِيـرِهِمْ لِـحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّـمَا الأَعْمَالُ بِالنِّـيَّاتِ» أنَّهُ إِنْ ذَهَبَ الشَّخْصُ إِلَى مَكَّةَ وَصَعِدَ عَرَفَةَ فَقَطْ وَرَجَعَ مُـحَمَّلًا بِـحَقَائِبِ الـهَدَايَا يَكُونُ حَجُّهُ صَحِيحًا. لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ!! وَكَمْ مِنْ أُنَاسٍ لَا يَعْرِفُونَ الـمِيقَاتَ الـمَكَانِيَّ، الـحُدُودَ الَّتِي لَيْسَ لَهُ إِنْ أَرَادَ الـحَجَّ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا مِنْ غَيْـرِ أَنْ يُـحْرِمَ، كَمَا لَوْ كُنْتَ فِي البَـرِّ أَوْ بِالطَّائِرَةِ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ فَإِنَّكَ تَـمُرُّ عَلَى نَاحِيَةٍ تُسَمَّى «ءَابَارَ عَلِيٍّ» بَعْدَ الـمَدِينَةِ الـمُنَوَّرَةَ إِلَى جِهَةِ الـجَنُوبِ بِنَحْوِ خَمْسَةَ عَشَرَ كِيلُومِتْـرًا فَلَا تَتَجَاوَزْ هَذَا الـمَكَانَ مِنْ غَيْـرِ أَنْ تَنْوِيَ النُّسُكَ الَّذِي تُرِيدُ، الـحَجَّ أَوِ العُمْرَةَ أَوِ الـحَجَّ وَالعُمْرَةِ مَعًا، بَعْدَ أَنْ تَتَجَرَّدَ مِنَ الثِّيَابِ الـمُحِيطَةِ وَتَكُونَ قَدْ وَضَعْتَ الإِزَارَ بِلَا ثِيَابٍ مُـحِيطَةٍ دَاخِلِيَّةٍ أَوْ خَارِجِيَّةِ، فَلَا خَيْـرَ فِي عِبَادَةٍ لَا فِقْهَ فِيهَا. مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْبُدَ اللهَ فَلْيَعْبُدِ اللهَ كَمَا أَمَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
كَثِيـرُونَ لَا يَهْتَمُّونَ لِأَحْكَامِ دِينِ اللهِ تَعَالَى هَـمُّهُمْ أَنَّهُ يُقَالُ عَنْهُ حَاجٌّ، يُقَالُ عَنْهُ حَاجٌّ حَجَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، حَجَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لَا يَكُنْ هَذَا مَقْصِدُكَ، بَلْ تَعَلَّمْ أَرْكَانَ الـحَجِّ وَالعُمْرَةِ، العُمْرَةُ كَالـحَجِّ لَكِنْ لَا وُقُوفَ فِيهَا بِعَرَفَةَ. فَنَسْأَلُ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُسَهِّلَ لِلْحُجَّاجِ أَمْرَهُمْ، وَأَنْ يُلْهِمَهُمُ الـخَيْـرَ وَالرَّشَادَ وَالصَّوَابَ وَأَنْ يَكْتُبَ لَنَا الـحَجَّ وَالعُمْرَةَ وَالزِّيَارَةَ.