سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات رحلة العمر الحج - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

في زيارة قبر النبي ﷺ


في زيارة قبر النبي ﷺ
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

إِنَّ التَّوَجُّهَ إِلَى مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزِيَارَةِ قَبْـرِهِ الشَّرِيفِ، لِزِيَارَةِ تُرْبَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهَمِّ القُرُبَاتِ وَأَنْـجَحِ الـمَسَاعِي. وَقَدْ رَوَى البَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ زَارَ قَبْـرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي». وَالـحَدِيثُ صَحِيحٌ صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَوَافَقَهُ السُّيُوطِيُّ.
مَعْنَى الـحَدِيثِ أَنَّ مَنْ زَارَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى عَقِيدَةٍ صَحِيحَةٍ وَزَارَهُ لِلَّهِ بُشْرَى لَهُ أَنْ يَـمُوتَ عَلَى الإِيـمَانِ وَيَنَالَ شَفَاعَةَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، مَعْنَاهُ مَنْ زَارَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا الرَّسُولُ يَشْفَعُ لَهُ شَفَاعَةَ إِنْقَاذٍ مِنَ العَذَابِ.
من هنا قال أهل العلم: تُسَنُّ زِيَارَةُ قَبْـرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ الِاجْتِهَادِ الأَرْبَعَةِ وَغَيْـرِهِمْ لِأَهْلِ الـمَدِينَةِ وَلِأَهْلِ الآفَاقِ القَاصِدِينَ بِسَفَرِهِمْ زِيَارَةَ قَبْـرِهِ الشَّرِيفِ وَهِيَ مِنَ القُرَبِ العَظِيمَةِ. وهل الأُمَّةُ تُـجْمِعُ عَلَى شَىْءٍ لَا يُوَافِقُ ما قَالَهُ الرَّسُولُ؟! لَا.
وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّائِرِ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ زِيَارَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالـمُسَافَرَةِ إِلَى مَسْجِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّلَاةِ فِيهِ، وَيُسْتَحَبُّ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى زِيَارَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ، فَإِذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى أَشْجَارِ الـمَدِينَةِ وَمَا يُعْرَفُ بِـهَا زَادَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَهُ بِزِيَارَتِهِ وَأَنْ يَتَقَبَّلَهَا مِنْهُ، وَيَسْتَحْضِرُ فِي قَلْبِهِ شَرَفَ الـمَدِينَةِ وَأَنَّـهَا أَفْضَلُ البِلَادِ بَعْدَ مَكَّةَ، فَهِيَ الـمَدِينَةُ الَّتِي سَكَنَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هِيَ الـمَدِينَةُ مُهَاجَرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هِيَ طَيْبَةُ الَّتِي طَابَتْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالـمَدِينَةُ هِيَ أَفْضَلُ الدُّنْيَا بَعْدَ مَكَّةَ، وَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قُدُومِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ مُسْتَشْعِرًا تَعْظِيمَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُـمْتَلِئَ القَلْبِ مِنْ هَيْبَتِهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ.
فَنَسْأَلُ اللهَ العَلِيَّ القَدِيرَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِأَدَاءِ الطَّاعَاتِ كَمَا يُـحِبُّ وَيَرْضَى، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا زِيَارَةَ النَّبِيِّ وَشَفَاعَتَهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيـنَ.