سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات رحلة العمر الحج - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

الرجوع من سفر الحج


الرجوع من سفر الحج
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

أما بعد فإن سعادة حجاج بيت الله الحرام خلال عودتهم من قضاء الفريضة العظيمة تكون سعادة كبيرة، لأن الحاج زار بيت الله الحرام وزار قبر الرسول الكريم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". فليحرص على الدعاء الوارد فِي رُجُوعِهِ مِنْ سَفَرِ الـحَجِّ فإنه يُسَنُّ له أَنْ يَقُولَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الـمُلْكُ وَلَهُ الـحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، ءَايِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». «ءَايِبُونَ» أَيْ رَاجِعُونَ مِنْ سَفَرِنَا سَالِمِيـنَ، «عَابِدُونَ سَاجِدُونَ» فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ حَالِهِ يَتَذَكَّرُ العِبَادَةَ، وَأَنَّهُ عَبْدٌ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، «لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» أَيْ مُثْنُونَ عَلَيْهِ تَعَالَى بِصِفَاتِ كَمَالِهِ وَجَلَالِهِ، وَشَاكِرُونَ لَهُ عَلَى نِعَمِهِ وَأَفْضَالِهِ، وَالـمَعْنَى أَنَّنَا عُدْنَا إِلَى بَلَدِنَا الـحَبِيبِ، وَقَدْ عَقَدْنَا العَزْمَ عَلَى العَوْدَةِ إِلَى اللهِ وَالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ الـمُقْتَـرِنَةِ بِالأَعْمَال الصَّالِـحَةِ؛ مِنَ الشُّكْرِ للهِ، وَالـمُوَاظَبَةِ عَلَى عِبَادَتِهِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالصَّلَاةِ، وَكَثْرَةِ السُّجُودِ. «صَدَقَ وَعْدَهُ» أَيْ صَدَقَ وَعْدَهُ فِي إِظْهَارِ الدِّينِ، وَكَوْنِ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِيـنَ، وَغَيْـرِ ذَلِكَ مِنْ وَعْدِهِ سُبْحَانَهُ، «وَنَصَرَ عَبْدَهُ» مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» أَيْ هَزَمَهُمْ بِغَيْـرِ قِتَالٍ مِنَ الآدَمِيِّيـنَ، وَلَا سَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِمْ، وَالـمُرَادُ بِالأَحْزَابِ الَّذِينَ تَـحَزَّبُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الـخَنْدَقِ فِي العَامِ الـخَامِسِ مِنَ الـهِجْرَةِ.
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ العَبْدَ لَا يَـخْلُقُ شَيْئًا، العَبْدُ يَفْعَلُ وَلَكِنْ لَا يَـخْلُقُ. الصَّحَابَةُ كَانُوا قَاتَلُوا وَهَزَمُوا الكُفَّارَ بِـحَسَبِ الظَّاهِرِ لَكِنْ بِـحَسَبِ الـحَقِيقَةِ مَنِ الَّذِي هَزَمَهُمْ؟ «اللهُ»، ظَاهِرًا هُزِمُوا وَصُورَةً هُزِمُوا، أَمَّا هَذَا الـهَزْمُ فمِنَ اللهِ قَالَ: «وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ هَذَا الَّذِي صُورَةً هُوَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ.
اللّهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا، فاغفرِ اللّهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا، اللّهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ.