سلسلة هل تعلم هل تعلم؟ - سلسلة حلقات رحلة العمر الحج - إعداد وتقديم فضيلة الشيخ الدكتور محمد الأخرس

مبيت مزدلفة ورمي جمرة العقبة


مبيت مزدلفة ورمي جمرة العقبة
إعداد وتقديم الشيخ الدكتور محمد الأخرس

وَبَعْدَ الوُقُوفِ فِي عَرَفَةَ يُفِيضُ الـحُجَّاجُ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ حَيْثُ يَبِيتُونَ وَيَـجْمَعُونَ الـحَصَى الَّتِي سَيَـرْمُونَ بِـهَا الـجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي مِنًى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَإِنْ قُلْنَا هَذَا الـمَبِيتُ وَاجِبٌ فَمَنْ تَرَكَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ، وَإِنْ قُلْنَا سُنَّةٌ كَانَ الدَّمُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ سُنَّةً.
فمَنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةَ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي مِنًى يَلْتَقِطُ سَبْعِيـنَ حَصَاةً وَمَنْ أَرَادَ الـخُرُوجَ مِنْهَا قَبْلَ غُرُوبِ شَـمْسِ اليَوْمِ الثَّانِي يَلْتَقِطُ تِسْعًا وَأَرْبَعِيـنَ. وَيَقِفُ مُسْتَقْبِلًا القِبْلَةَ فَيَدْعُو وَيُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» حَسَنَةُ الدُّنْيَا العَمَلُ الصَّالِحُ، حَسَنَةُ الآخِرَةِ دُخُولُ الـجَنَّةِ.
وَيَبِيتُ الـحُجَّاجُ فِي مُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ يَـخْرُجُونَ مِنْهَا فَجْرَ يَوْمِ العِيدِ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ (وَهِيَ الـجَمْرَةُ الكُبْـرَى) بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَيُشْتَـرَطُ أَنْ يَرْمِيَهَا حَصَاةً حَصَاةً بِيَدِهِ فِي الـحَوْضِ الـمُخَصَّصِ لَـهَا، وَيُسَنُّ أَنْ يُكَبِّـرَ عِنْدَ الرَّجْمِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُعْتَبَـرُ رَمْيُ الـجِمَارِ كُلِّهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً إِلَّا رَمْيَ حَصًى وَاحِدَةٍ فَلْيُتَنَبَّهْ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَـجْمَعُونَ الـحَصَيَاتِ فِي كِيسٍ وَاحِدٍ وَيَرْمُونَـهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً. وَليعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالرَّجْمِ إِلَّا لِلْعَاجِزِ عَنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَمَنْ وَكَّلَ وَهُوَ قَادِرٌ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الرَّجْمُ.
وَيَدْخُلُ وَقْتُ هَذَا الرَّمْيِ بِـمُنْتَصَفِ لَيْلَةِ العِيدِ، وقد نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِ الأُمِّ أَنَّ مَنْ حَضَرَ مُزْدَلِفَةَ سَاعَةً -أَيْ وَقْتًا- فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنَ اللَّيْلِ حَصَلَ لَهُ الـمَبِيتُ. وَليَـحْرِص أَنْ يَرْجُمَ بَعْدَ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ العِيدِ، وَلِسَانُ حَالِهِ أَنْ يَا إِبْلِيسُ لَوْ ظَهَرْتَ لَنَا كَمَا ظَهَرْتَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَرَمَيْنَاكَ بِالـحَصَى كَمَا رَمَاكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. رُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ عَنِ الـحَصَى الَّتِي تُرْمَى بِـهَا الـجِمَارُ: «مَا تُقُبِّلَ مِنْهَا رُفِعَ وَمَا لَمْ يُتَقَبَّلْ تُرِكَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَسَدَّ مَا بَيْـنَ الـجَبَلَيْـنِ».
وَيَـخْرُجُ الـحُجَّاجُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَجْرَ يَوْمِ العِيدِ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ، وَهِيَ الـجَمْرَةُ الكُبْـرَى. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْقَى بِـمُزْدَلِفَةَ حَتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ وَيُصَلِّيَ بِـهَا، وَقَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الـمَبِيتَ.
وَبَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ لَهُ أَنْ يَـحْلِقَ رَأْسَهُ أَوْ يُقَصِّرَ لَوْ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ فَيَتَحَلَّلُ التَّحَلُّلَ الأَوَّلَ فَيَحِلُّ لَهُ مَا حَرُمَ بِالإِحْرَامِ مِنْ طِيْبٍ وَدُهْنٍ وَقَلْمِ ظُفْرٍ وَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَلُبْسِ مُـحِيطٍ بِـخِيَاطَةٍ وَغَيْـرِهَا إِلَّا عَقْدَ النِّكَاحِ وَالـجِمَاعَ فَإِنَّـهُمَا لَا يَـحِلَّانِ إِلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي.